أخبار البلد - أعطت القمة التي عقدت الثلاثاء في مدينة سانت بطرسبورغ بين الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين إشارة انطلاق الوساطة الإماراتية لدى الأطراف المتدخلة في حرب أوكرانيا من أجل التوصل إلى تهدئة كخطوة أولى لفسح المجال أمام الحل السياسي لحرب بدأت تأخذ أبعادا خطيرة قد تخرج بها من الصراع الثنائي بين روسيا وأوكرانيا إلى حرب إقليمية لا يمكن التنبؤ بنتائجها.
وقال الشيخ محمد بن زايد عقب لقاء القمة مع بوتين في تغريدة على تويتر "ناقشنا عدداً من القضايا والتطورات محل الاهتمام المشترك وفي مقدمتها مستجدات الأزمة الأوكرانية وأهمية دعم الجهود الدبلوماسية التي تخدم جميع الأطراف وتحقق السلام والاستقرار في العالم”.
وقال بوتين إنه من الممكن أن يكون لدولة الإمارات العربية المتحدة دور مهم ضمن الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء.
رئيس الإمارات: ناقشنا الأزمة الأوكرانية وأهمية دعم الجهود الدبلوماسية
ونقلت بلومبرغ عن بوتين في حديثه إلى الشيخ محمد بن زايد قوله "أنا على دراية بمخاوفكم بشأن كيفية تطور الوضع بشكل عام، ورغبتكم في المساعدة على حل جميع القضايا المثيرة للجدل، والتي تشمل الأزمة القائمة الآن”.
وأضاف "أود أن أشير إلى أنه عامل جوهري بالفعل، يتيح لنا باستغلال تأثيركم من أجل التحرك قدما نحو حل الموقف.”
ويعتقد مراقبون أن وساطة الشيخ محمد بن زايد جاءت في وقتها، وأن مختلف الأطراف المتدخلة في الحرب تنتظر مثل هذه الوساطة التي تحوز على قبول ومصداقية لدى الجميع، ويمكن أن توفر أرضية للتهدئة على مستوى التصعيد الميداني وتصعيد التصريحات الذي زاد بشكل كبير في الأيام الأخيرة بعد أن توسعت العمليات العسكرية لتطال المنشآت المدنية.
وكانت "العرب” قد ذكرت سابقا أن زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى موسكو ترتبط بمبادرة للوساطة تقودها الإمارات لوقف التصعيد في الحرب والبحث عن حل سياسي تفاوضي.
ونقلت عن مصدر سياسي رفيع تأكيد وجود مشروع الوساطة، وذكر أن "المتحاربين، سواء منهم المباشرون أو الداعمون من الخلف، يحتاجون إلى جهة محايدة وذات مبادرة واضحة وتكون قادرة على إقناع الجميع بجدوى وقف الحرب، بدلا من وساطات بعضها منحاز وبعضها الآخر يريد استثمار الحرب ومخاطرها لخدمة أجندته المباشرة ومصالح بلاده”.
وجاء بيان الخارجية الإماراتية في وقت متأخر من مساء الاثنين لتأكيد ما نشرته "العرب”.
وقالت الوزارة في بيان لها إن "دولة الإمارات على استعداد تام لدعم الجهود الهادفة إلى إيجاد حل سلمي للأزمة في أوكرانيا، مجددة موقفها المتمثل في الدعوة إلى الدبلوماسية والحوار واحترام قواعد ومبادئ القانون الدولي”.
وأوضح البيان أن مباحثات الشيخ محمد بن زايد مع بوتين "ستتطرق إلى آخر التطورات والمستجدات المتعلقة بالأزمة في أوكرانيا، حيث تسعى الإمارات للوصول إلى تحقيق نتائج إيجابية لخفض التصعيد العسكري والحد من التداعيات الإنسانية والتوصل إلى تسوية سياسية لتحقيق السلم والأمن العالميين”.
ويرى المراقبون أن الإمارات تمتلك أحد أهم المقومات في أيّ وساطة ناجحة، وهي أن الشيخ محمد بن زايد لديه علاقات مميزة مع مختلف أطراف الأزمة، وهو يحظى بالمصداقية، بالإضافة إلى أن الإمارات سبق أن عبرت بوضوح عن أنها لا تنتمي إلى أيّ محور أو تحالف سواء في القضايا الإقليمية أو الدولية، وهي تتعامل مع مختلف الملفات بحسب مصالحها والتزاماتها، وهو ما يجعلها قريبة من مختلف الدول.
وفي بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كانت الإمارات محورا للاتصالات والزيارات الهادفة إلى تطويق الأزمة خاصة أنها عضو غير قار في مجلس الأمن، فضلا عن امتلاكها علاقات مميزة مع روسيا والولايات المتحدة وبلدان أوروبا وفي ظل شراكات واسعة وذات وزن مع أغلب هذه الدول.
رئيس روسيا: للإمارات دور مهم من أجل التوصل إلى حل
ويعتقد المتابعون أن هذه المعطيات تؤهل الإمارات للعب أدوار أكثر فاعلية في ملفات أخرى بما في ذلك ملف الطاقة والخلاف بين الولايات المتحدة وتحالف أوبك+ الذي يضم أبرز المنتجين السعودية وروسيا، فهي عضو في هذا التحالف وتعرف دواعي قراراته وستكون الأقدر على جسر الهوة مع كبار المستهلكين بما في ذلك واشنطن.
ويضيف هؤلاء أن هناك جدارا آخذا في التمدد بين كبار المنتجين وكبار المستهلكين، وأن الأمر يحتاج إلى طرف غير محسوب على هذه الجهة أو تلك، ولا يوجه اتهامات بالتصعيد أو الضغط، وهي المعاني التي حملتها كلمة الرئيس الروسي في لقائه برئيس الإمارات.
وقال الرئيس الروسي الثلاثاء إن بلاده لا تعمل ضد أيّ طرف في أسواق الطاقة، وإنها تسعى لتحقيق توازن بين العرض والطلب على النفط، وذلك بعد أسبوع من انتقاد واشنطن لقرار مجموعة أوبك+ لمنتجي النفط بتطبيق خفض كبير للإنتاج.
وأضاف بوتين متحدثا مع الشيخ محمد بن زايد أن روسيا تسعى لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة والتأكد من وجود توازن بين العرض والطلب.
وقال بوتين في لقاء القمة الثنائية "نحن نعمل جاهدين أيضا في إطار أوبك+. أعلم أن موقفك وأفعالنا وقراراتنا ليست موجهة ضد أيّ شخص، لن ولا نفعل ذلك بطريقة تسبب مشكلات لأيّ أحد”.
ومضى الرئيس الروسي قائلا "تستهدف تحركاتنا تحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية حتى يشعر كل من مستهلكي موارد الطاقة والمشاركين في الإنتاج والموردين للأسواق العالمية بالهدوء والاستقرار والثقة. ومن ثم يتحقق التوازن بين العرض والطلب”.