أخبار البلد - تعكس تصريحات الرئيس التركي رجل طيب أردوغان عن محادثات بين بلاده وإسرائيل بشأن التعاون في مجال الغاز أن أنقرة بدأت باتخاذ خطوات فعلية لاستعادة النفوذ الذي فقدته أمام منافسيْها الإقليمييْن اليونان ومصر، في شرق المتوسط، لاسيما في ظل الحديث عن عجز الاتفاقات بين القاهرة وتل أبيب عن تعويض النقص الأوروبي من الغاز.
وأعلن أردوغان، الأحد، عن محادثات مرتقبة بين بلاده وإسرائيل للتعاون في مجال الغاز الطبيعي، وقال إن الجانب الإسرائيلي أعرب عن استعداده للتعاون مع تركيا في هذا المجال.
وأشار إلى أن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز سيجري محادثات مع المسؤولين الإسرائيليين في هذا الإطار.
وتدرك أنقرة أن أوروبا باتت اليوم تنظر إلى شرق المتوسط كبديل للغاز الروسي، حيث تعمل مصر وإسرائيل، وربما قبرص، على إنشاء بنية تحتية رئيسية لتصدير الغاز الطبيعي المسال.
ويقول مراقبون إن تركيا التي كانت على مدى السنوات الماضية تقوم بمسح شامل لشرق المتوسط بسفن تحمل تقنيات متطورة باتت اليوم على استعداد للتعاون مع الإسرائيليين وتقديم نفسها كبديل يستطيع استقطاب الاستثمارات اللازمة لاستخراج الغاز من شرق المتوسط وتوريده إلى أوروبا، بغض النظر عن رد الفعل المصري.
وبحسب هؤلاء المراقبين فإن تركيا تدرك جيدا أنه من المستحيل أن تتوصل إلى اتفاق مع اليونان وقبرص لذلك سعت خلال الفترة الماضية لإعادة علاقتها بإسرائيل، لكن ما يزال ينقصها اتفاق ولو جزئي مع مصر لا يستبعد مراقبون حدوثه.
ويرى المراقبون أن قرار وزارة الخارجية الأميركية وقف دعم مشروع خط أنابيب الغاز شرق المتوسط (إيست ميد)، الذي يهدف إلى نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا شكّل فرصة مهمة لأنقرة التي رأت ضرورة استغلالها بالتقارب مع إسرائيل. وبحسب هؤلاء فإن تل أبيب تدرك أنه كان من الصعب مد الخط من دون حل مشكلة قبرص، وبذلك فإن التعاون بين البلدين قد يسهّل تحقيق مشاريع بديلة من شأنها أن تقلل حاجة تركيا إلى الغاز واعتماد أوروبا على روسيا في مجال الطاقة.
وتكثّف إسرائيل جهودها لتوفير كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال ولدعم الصفقات المحتملة بين مصر والشركاء الأوروبيين.
وانطلقت العملية بعد اجتماع وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار ومفوضة شؤون الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون بباريس خلال شهر مارس.
وتم بعد الاجتماع تشكيل فريق أوروبي – إسرائيلي لوضع إطار سياسي بالتنسيق مع المصريين لانطلاق تدفق الغاز إلى أوروبا.
ووفقا لمصادر إسرائيلية أشار ممثلو الاتحاد الأوروبي صراحة إلى أن هناك حاجة إلى غاز شرق المتوسط إذا لم يكن الاتحاد الأوروبي على استعداد للزيادة في استخدام الفحم لتوليد الطاقة. واتفق الجميع على أنه لا يوجد مصدرون آخرون على المدى القصير لمواجهة الحظر المحتمل لإمدادات الغاز الطبيعي الروسي.
وتشمل المناقشات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل مصر، حيث تبقى القاهرة هي الطرف الوحيد الذي يتمتع بقدرة تصدير متاحة.
طارق الملا: الغاز الطبيعي المسال المصري يلبّي بالفعل جزءا فقط من الطلب الأوروبي
وتتفق إسرائيل وبروكسل على أن تصدير غاز شرق المتوسط عبر مصنعيْ الغاز الطبيعي المسال المصرييْن في دلتا النيل (إدكو ودمياط) هو الخيار الوحيد الممكن في الوقت الحالي.
ويعتبر الطلب الأوروبي على الغاز أمرا مهما بالنسبة إلى إسرائيل، فهو يدرّ عائدات إضافية ويفتح الأبواب في بروكسل، كما يجب على السياسيين الإسرائيليين أن يتطلعوا إلى تأمين الصادرات مع توفير إمدادات كافية لإسرائيل نفسها لمدة 30 – 40 سنة حيث يتزايد استهلاك إسرائيل من الغاز الطبيعي بنحو مليار متر مكعب سنويا.
واستهلكت إسرائيل حوالي 11.25 مليار متر مكعب في 2019. ويُقدّر أن احتياطياتها المؤكدة تصل إلى حوالي 900 مليار متر مكعب.
ومع ذلك، تدفع بروكسل إسرائيل ومصر لتوفير كميات إضافية. وينصبّ التركيز الكامل على السعة المتاحة والتوسع المحتمل لمصنعيْ دمياط وإدكو المصرييْن.
وصرّح وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا بأن الغاز الطبيعي المسال المصري يلبّي بالفعل جزءا فقط من الطلب الأوروبي. وأكد في مقابلة مع "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ” أن شركاء شرق المتوسط يتطلعون إلى زيادة العرض والسعة بشكل أكبر. كما يمكن أن تأتي إمدادات الغاز الطبيعي الإضافية المحتملة لمحطات الغاز الطبيعي المسال في مصر من قبرص.
وأشار الملا إلى أن مصر تصدّر حوالي مليار قدم مكعب من الغاز يوميا، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 1.5 مليار قدم مكعب يوميا بحلول سنة 2024.
ويتراوح إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في مصر في الوقت الحالي بين 6.6 و6.7 مليار قدم مكعب يوميا. ومن المتوقع أن يصل احتياطي حقل أفروديت التابع لقبرص إلى 4.5 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، سيُنقل معظمه إلى محطتي إدكو ودمياط للغاز الطبيعي المسال في مصر.