أخبار البلد - كان تقريران قد تم إعدادهما لمجلس الشيوخ حول المعلومات المضللة الروسية كشفا عن رواية لا جدال فيها الآن: أن الكرملين كان قد اشترك في حملة منسقة لرفع دونالد ترمب إلى الرئاسة، وكانت شركات التكنولوجيا في هذا البلد محورية في استراتيجيتها.
إن عملية روسيا مذهلة في نطاقها ودقتها وخداعها. وكانت الصفحات التي أنشأتها وكالة أبحاث الإنترنت المرتبطة بالكرملين قد أثارت إعجاب ما يقرب من 40 مليون شخص وأكثر من 30 مليون مشاركة على موقع فيسبوك وحده، ومالو نحو مستخدمين سريعي التأثر باستعمال إعلانات استفزازية ثم أعطتهم دعاية لنشرها على نطاق واسع. لم يكن الهدف هو إجبار البلاد على الشغب، بل وضع المرشح المفضل لخصم أجنبي في المكتب البيضاوي. طوال هذا الوقت، كان الأميركيون غير مدركين تماما لما كان يحدث: ما بدا أن الناشطين المحليين من حركة بلاك لايفز ماتر (تعني بقضايا السود) كانوا في الواقع متصيدون روسيون على دراية جيدة بالعبارات الرئيسية للعدالة الاجتماعية. كان الوطنيون المزعومون لحقوق التعديل الثاني يذيعون أخبارهم من سانت بطرسبرغ.
كان الجمهوريون قد احتجوا خلال العام الماضي على أن التدخل في الانتخابات ليس أمرا غير عادي ولا هو مهم. وجاءت تقارير هذا الأسبوع بشكل شامل لتسوية أمر كلا الحجتين. كانت روسيا قد شنت حملة غير مسبوقة، واستهدفت الأميركيين في جميع قطاعات المجتمع، على منصات كبيرة وصغيرة. هذه الدراسات لا تغطي حتى كامل التلاعب الروسي على شبكة الإنترنت: إن عملية الاختراق والتسريب التي أدت إلى نشر رسائل البريد الإلكتروني الخاص برئيس حملة هيلاري كلينتون الانتخابية جون بوديستا، التي نسقتها جي أر يو، وهي وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، كانت بمثابة قنبلة خطيرة أخرى في الهجوم المؤيد لترمب.
كانت مكائد روسيا قد بدأت منذ أكثر من خمس سنوات. ما لم تكن حاسمة في انتخاب السيد ترمب لن يتم الرد عليها نهائياً. ونظرا إلى هامش فوزه الضيق، فمن العدل أن نقول إن أي عامل من عدة عوامل (خطأ السيدة كلينتون في حملتها الانتخابية، ثم تدخل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، وما إلى ذلك) كان أمرا حاسماً. ما يمكن تحديده بشكل قاطع هو أنه يجب على جميع الأميركيين أن يجدوا أن هذا التدخل الأجنبي غير مقبول على الإطلاق.
المهمة الأساسية الآن هي منع هذا الأمر من التكرار. هناك الكثير الذي يمكن أن يفعله كل من الكونغرس والشركات، بدءاً من تحديث لوائح الإعلانات للعصر الرقمي. يجب على صناع القوانين أيضًا أن يوجدوا هياكل لقيود حالية حول تبادل المعلومات التي تسمح للشركات بتقديم البيانات إلى الأكاديميين والمؤسسات الموثوقة بطريقة تحافظ على خصوصية المستخدم. يجب على المنصات أن تتعاون مع بعضها البعض، بالإضافة إلى تعاونها مع الحكومة ، لتتبع حملات التلاعب في الوقت الفعلي.
وكانت لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ قد قالت أنها لن تصادق بالضرورة على النتائج التي توصلت إليها تقارير هذا الأسبوع، لكن قرارها الحزبي بتفويض هذه التقارير أمر مشجع. والسؤال الآن هو ما إذا كان أعضاء اللجنة سيكونون على استعداد لتحميل روسيا المسؤولية في مراجعتهم المقبلة. وكان المرشح دونالد ترمب قد دعا روسيا ذات مرة للعثور على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالسيدة كلينتون، فأرسل رسالة مفادها أنه قد يتطفل عليها مع تمتعه بالحصانة. على الرغم من أنه تم فرض العقوبات منذ الانتخابات، إلا أنه من الواضح أن روسيا لم ترتدع. وإلى أن تتحقق هذه التغييرات، لن يكون هناك أي إصلاح كافياً.