حمَل البيان الختامي للاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي اختتم أمس، تهديداً بتدخل خليجي محتمل لإعادة الأمور إلى نصابها في اليمن، عقب الانقلاب الحوثي الذي يتصاعد باطراد وبلا هوادة.
وطالب التعاون الخليجي، مجلس الأمن الدولي باتخاذ قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يتضمن "إجراءات عملية عاجلة" للحفاظ على السلم والأمن الدوليين اللذين يهددهما استمرار الانقلاب على الشرعية في اليمن، ورفض ما يُسمّى بـ "الإعلان الدستوري"، ومحاولات فرض الأمر الواقع بالقوة، وفق نص البيان الختامي.
كما طالب بتطبيق قرار مجلس الأمن 2140 (2014) الصادر تحت الفصل السابع من الميثاق بشأن إيقاع العقوبات على من يعرقل عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن.
وبعد أن استعرض البيان الختامي "مطالبه" تلك، إلى جانب مطالبه بـ"الحفاظ على الشرعية" و"استئناف العملية السياسية" في الجارة القريبة، قال:
"وفي حال عدم الوصول إلى اتفاق على ذلك، فسوف تتخذ دول المجلس الإجراءات التي تمكنها من الحفاظ على مصالحها الحيوية في أمن واستقرار اليمن، ومساعدة الشعب اليمني الشقيق للخروج من هذه الأحداث الخطيرة، وبما يحافظ على أمن اليمن واستقراره ووحدته، وأمن واستقرار المنطقة".
ويتيح قرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع، في حال صدوره، التدخل العسكري الدولي لردع الحوثيين، على أن خيارات التدخل من أجل "الشرعية" تأخذ أشكالاً متعددة.
ويأتي في صدارة تلك الخيارات، تدخل دول مجلس التعاون الخليجي في اليمن عسكرياً من خلال قوات درع الجزيرة، وهي القوة العسكرية المشتركة لدول المجلس.
ومع أن القوة لم يسبق لها أن تدخلت عسكرياً بشكل واسع منذ تأسيسها عام 1982، ماعدا استعانة البحرين بها لمواجهة أعمال الشغب الواسعة التي اندلعت في العام 2011، ومع أن اليمن ليست ضمن دول قوات درع الجزيرة، إلا أن تدخل هذه القوات يبقى خياراً مفتوحاً إذا حظي بقرار أممي تحت البند السابع.
أما ثاني الخيارات أمام الخليج، فهو دعم القبائل السنية عسكرياً، وذلك بمدها بالمال والسلاح لمواجهة تقدم الحوثيين، وقمع تمددهم في المحافظات، واستعادة العاصمة منهم.
ويعتقد أن هذا الخيار هو الأكثر سلامة للخليج؛ لكونه لا يحتاج إلى البند السابع بالضرورة، لكنه خيار "النفَس الطويل"، بخلاف خيار التدخل العسكري الذي قد يحسم الموقف بمدة أقصر، وفضلاً عن ذلك، قد تتخوف دول الخليج من أن يصل التمويل والسلاح الذي تمدّ به القبائل لمواجهة الحوثيين، إلى تنظيمات يراها الخليج "متطرفة وإرهابية"، كتنظيم القاعدة الذي تتحالف بعض القبائل معه لحماية نفسها من التقدم الحوثي.
وثالث الخيارات هو تشكيل حلف دولي بمشاركة خليجية كبيرة، على شاكلة التحالف الدولي- العربي ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، يستفيد من قرار أممي تحت الفصل السابع الذي طلبه مجلس التعاون، والقرارات التي سبق أن أقرها مجلس الأمن والمتعلقة بحظر تمويل التنظيمات الإرهابية، وهو ما قد ينسحب على مليشيات الحوثيين.
باب الحل السياسي
لم تغلق دول مجلس التعاون الخليجي باب الحل السياسي على الرغم من انسداد أفق مثل هذا الخيار، فقد دعا بيان المجلس الختامي إلى "استئناف العملية السياسية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وضمان تنفيذ مخرجات الحوار الوطني".
يذكر أن بيان وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، أعلن رفضه ما يُسمّى بـ "الإعلان الدستوري" للمليشيات الحوثية، ورفض كافة الإجراءات المتخذة لفرض الأمر الواقع بالقوة، ومحاولة تغيير مكونات وطبيعة المجتمع اليمني، داعياً الحوثيين إلى وقف استخدام القوة، والانسحاب من كافة المناطق التي يسيطرون عليها، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والانخراط في العملية السياسية.
وأكد دعمه جهود كافة القوى اليمنية التي تسعى بطرائق سلمية، ودون استخدام العنف والتهديد، لاستئناف العملية السياسية وفقاً لمرجعية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني.
وأقرّ المجتمعون "دعم السلطة الشرعية، وإدانة استمرار احتجاز فخامة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس الوزراء خالد بحاح والوزراء والمسؤولين من قبل المليشيات الحوثية، والمطالبة بإطلاق سراحهم فوراً".
ودعا الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للانعقاد عاجلاً على مستوى وزراء الخارجية لاتخاذ قرار لرفض الانقلاب وكل ما يترتب عليه، وفق البيان.