وفًقا لصحيفة نيويورك تايمز٬ يعتزم الأخوان تشارلز وديفيد كوك إنفاق حوالي 900 مليون دولار على الحملة الانتخابية الرئاسية في العام المقبل٬ مع التركيز على الانتخابات التمهيدية الخاصة بالحزب الجمهوري. وسيجري إنفاق هذا المبلغ٬ الذي يقترب من ضعف المبلغ الذي أنفقه الأخوان كوك في عام 2012 والبالغ 400 مليون دولار٬ على الاقتراع والتحليلات والإعلانات والحملات الشعبية وجماعات المناصرة ذات القضية الواحدة٬ وغيرها. ولغرض المقارنة٬ ففي الانتخابات الرئاسية الأخيرة٬ أنفقت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري٬ إلى جانب لجنة الكونغرس الخاصة بالحزب الجمهوري الوطنية ولجنة مجلس الشيوخ الجمهوري الوطني٬ ما مجموعه 657 مليون دولار. وبالمثل٬ أنفق نظراؤهم الديمقراطيون ما مجموعه 647 مليون دولار. كانت تلك اللجان قد أنفقت مبالغ ضئيلة إلى حد ما في انتخابات عام ٬2008 ومن المرجح أن تنفق مبالغ أكبر على نحو مماثل في العام المقبل.
وتشير الصحيفة في وصفها إلى أن ذلك ينطوي على ما يقرب من 300 جهة مانحة أخرى ”تشمل جماعات مثل شركاء الحرية٬ وهي منظمة تجارية يشرف عليها مستشارون تابعون للأخوين كوك٬ التي تخطط للانسحاب وتساعد في جمع المساهمات. ومنظمة أميركيون من أجل الازدهار٬ وهي مجموعة شعبية وطنية٬ ومنظمة محاربون قدامى من أجل أمريكا".
وهناك طريقة أخرى لتوضيح ذلك هي أن المنظمة تمثل جهًدا مشترًكا نيابة عن الناس الذين يشاركون بالفعل في سياسة الحزب الجمهوري. وبنفس الطريقة التي يكون فيها الشخص الذي يجمع 100 صوت أكثر قيمة للحزب من الشخص الذي يجمع صوتا فقط٬ فإن هذه الجهات المانحة والنشطاء يعززون موقفهم من خلال العمل تحت مظلة واحدة. إنهم يجعلون من أنفسهم قوة مؤثرة في السباق من أجل اختيار مرشح للرئاسة. بالنسبة للمرشح٬ فإن جزًءا كبيًرا من الترشح للرئاسة هو بناء توافق في الآراء. وحتى تتاح فرصة للفوز٬ يحتاج المرشح على الأقل إلى إرضاء الجماعات المكونة للحزب٬ وعلى وجه الخصوص٬ تلك الجماعات التي تملك أعظم الموارد. أما في الممارسة العملية٬ فهذا يعني أن الفصائل التقليدية داخل الحزب الجمهوري٬ مثل قادة وول ستريت٬ والمشرعين المخضرمين٬ والقادة المنتخبين٬ والنقاد السياسيين٬ ورجال الأعمال٬ يملكون الكثير من التأثير على النتيجة. وإذا قمت بتحدي مصالح المصرفيين٬ فقد تضطر إلى إيجاد جهات مانحة جديدة لحملتك. وإذا انتقدت التدخلات العسكرية٬ فستفقد التأييد المهم لمجلة بارزة. في عام ٬2016 يمكنك إضافة خطوة أخرى لهذه الرقصة: تجاوز الأخوين كوك بشأن تغير المناخ أو الأنظمة الاقتصادية أو غيرها من القضايا٬ وستخاطر بفقدان مصدر هام للحصول على المساعدة والمال. في الواقع٬ هناك فرصة لأن تشكل منظمة كوك قاعدة مؤسسية لمرشح قادر على المنافسة لا يملك جاذبية عامة أو يتنافس مع مرشحين آخرين على نفس المنصب. فحاكم ولاية ويسكونسن سكوت والكر يتمتع بجاذبية واسعة داخل الحزبالجمهوري. وهو مسيحي إنجيلي٬ وقد تفوق على نقابات القطاع العام في معركة على المفاوضة الجماعية٬ ونجا مناستدعاء قضائي مدبر من قبل خصومه٬ وأعيد انتخابه رغم ترويجه لإصلاحات محافظة في ولاية ليبرالية. إنه يثير نوعامن نشطاء الحزب الذين يهيمنون على الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية ولكن لديه مظهر مصقول لمرشح تقليدي. مشكلته الرئيسية هي أن هناك مرشحين آخرين يستوفون الشواغل الرئيسية لأجزاء واسعة من الحزب والذين يجلبون أيضادعًما مالًيا كبيًرا. ولكن الوجود القوي لديفيد وتشارلز كوك يغير هذا الحساب. فهما يمنحان والكر أرضية أفضل للوقوف عليها. فبوسعه إدارةحملة عصيان٬ وعلى عكس مايك هاكابي في سباق عام ٬2008 فإنه لن ينفد من النقد. وفجأة٬ يظهر بديل حقيقي للمرشحالتوافقي الأصلي٬ ويضطر الاثنان لخوض منافسة خطيرة٬ والتي يمكن أن تكشف عن قوة خفية أو تسلط الضوء على نقطةضعف لا يلاحظها أحد. وإذا فقد والكر الترشيح٬ يكون الأخوان كوك على الأقل قد جعلا من نفسيهما قوة أكبر في سياسةالحزب الجمهوري. وبالنسبة للمراقبين الليبراليين٬ فهناك مفارقة معينة لهذه التحركات والمكائد. ففي السياسة الديمقراطية٬ُيمثل الأخوان كوكوحَشين٬ وشخصين جشعين يشكلان تهديدا خطيرا للمؤسسات العامة. ولكن في سياسة الحزب الجمهوري٬ قد يصبحان أداةجديدة للمساءلة: ووسيلة لذوي النفوذ الضعيف في الحزب لتجاهل الحرس القديم والتعبير عن إرادتهم. غير مسبوق تماًما. وفي أواخر القرن الـ٬19 أنفق قادة الأعمال مبالغ ضخمة لإبعاد السياسيين عن تنظيم الصناعة وترويض وإذا أظهر الأخوان كوك شيًئا مختلًفا العام المقبل٬ فإن هذا سيظل تطوًرا رائًعا في السياسة الأميركية٬ إن لم يكن تطوًرا أنشطته