ثعلب السياسة في فخ النواب ، واحتمالات الانتفاضة الشعبية

أخبار البلد - كتب -النائب علي السنيد -
لن تكون هذه الحكومة بمنأى عن المواجهة مع الحالة الشعبية التي باتت تتصاعد في الشارع الاردني، وشكلت ارضية للاجماع الوطني على خلفية مقتل القاضي رائد الزعيتر على ايدي الجيش الصهيوني، وذلك اذا ما حاولت التنصل من اكبر تعبير عن الارادة الشعبية على صعيد البرلمان، وقد تبلور في مطالب محددة تمكن السادة النواب من ربط عدم انصياع الحكومة لها بسحب الثقة منها، وقد تجلى الموقف البرلماني التاريخي في وضع الحكومة امام مسؤولياتها، وهي التي تواجه اول اختبار حقيقي لقدرتها على الفعل السياسي، وقد عجزت تماما عن اتخاذ مجرد موقف تعزز فيه قناعة الاردنيين بوجود خيارات لديها للرد على حادثة اغتيال مواطن اردني اعزل من قبل دولة الاحتلال الصهيوني، وبما يمس السيادة الاردنية في الصميم.

والمأزق الحكومي الماثل للعيان يتبدى في عدم قدرتها على التعاطي مع الجريمة الارهابية بما يتناسب مع حجم تأثيرها في الواقع الشعبي الاردني، وبدا وكأنها تهدر كرامة الاردنيين، وليست مؤتمنة على السيادة الوطنية.

وقد اصبحت في مواجهة مفتوحة مع الموقف البرلماني التاريخي، والذي حدد مصير الحكومة بمدى تجاوبها مع الارادة الشعبية، وقد تبدت في قرارات برلمانية غير مسبوقة ترتكي الى اغلبية برلمانية ، واهمها على الاطلاق طرد السفير الصهيوني من الاردن ، واستدعاء السفير الاردني لدى الكيان الصهيوني ، ومراجعة اتفاقية وادي عربة، واطلاق سراح الجندي الاردني البطل احمد الدقامسة، وتم ربط عدم التجاوب معها بسحب الثقة من الحكومة، وهذا ما يعد التحدي الاكبر الذي تواجهه حكومة ثعلب السياسة الدكتور عبدالله النسور، والتي سبق وان تمكنت من الافلات من اكثر من مذكرة حجب ثقة ربما لم توافق أي منها دقة توقيت مذكرة حجب الثقة الراهنة، والتي وضعت شروطا على الحكومة لاجتياز حاجز سحب الثقة ، ومنحت هذه الحكومة مهلة للرد لا تتجاوز اسبوعا.

وهذا الموقف البرلماني الرائد يفضي الى تصعيد مهم في حراك الشارع، وهو ما ينذر بانتفاضة شعبية قد تواجهها الحكومة في حال حاولت التنصل من استحقاقاته. وفي المقابل اصبحت الحالة الشعبية المتصاعدة رديفا لهذا الموقف النيابي الذي يواجه بدوره اختبار المصداقية، وقد جعل السادة النواب رد الاعتبار للشعب الاردني مرهون بكيفية تجاوب الحكومة مع المطالب النيابية التي تعيد التهدئة الى الشارع الاردني ، ويستعيد البرلمان في حال قدرته على تحقيقها مكانته الدستورية كجزء اصيل في النظام السياسي الاردني، وبكونه قادر على تمثيل الارادة الشعبية، وتجسيدها على ارض الواقع.

والمأزق الحقيقي الذي يواجهه بدورهم السادة النواب يتمثل في حال عدم تجاوب الحكومة معهم خلال المهلة التي حددها المجلس بتصويته على مطالب يعد تحقيقها نصرا تاريخيا له، وهذا يعيد الكرة الى مجلس النواب لالزام الحكومة بارادته، ولمنع وصوله الى لحظة فقدان المصداقية، وكي لا تتحول مواقفه الى مهازل، ويحترق في الشارع الاردني للمرة الاخيرة. ولحفاظ البرلمان على المنجز الشعبي الذي تحقق بتماهيه مع الارادة الشعبية ، وهو ما يجعل البرلمان في حال الوصول الى مواجهة مع التعنت الحكومي امام خيار اما حجب الثقة فعلا او السقوط المريع في الشارع ، وتحوله الى صيغة هزلية في الحياة العامة في الاردن حتى نهاية مدته.

وهذا يمثل التحدي الاكبر الذي يواجهه البرلمان السابع عشر الى اللحظة.

ولا مناص من ان تنحني الحكومة لتعبيرات الحالة الشعبية المتجسدة قانونيا في البرلمان اذا كانت حريصة على الحفاظ على سمعة المؤسسات الدستورية ، وكي تتواصل العملية السياسية في سياقات شعبية تبلورت في لحظة اندماج بين الشعب ومؤسسته البرلمانية ، ومن الصالح العام عدم افشالها ، وترك البلاد في مواجهة خطر الفوضى والاضطرابات التي قد تكون على الابواب.


النائب علي السنيد