خصوصية "الإخوان" أردنياً!

القرار المصري الذي سبق القرار السعودي، بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية، يشكل تحدياً خطيرا يواجه مستقبل الجماعة، خصوصا بعد الخسارات التي منيت بها في الساحتين المصرية والسورية.
ليس سراً أن منظومتها الفكرية تقوم على وحدة "جماعة الإخوان"، وأن أي عمل سياسي في إطار وطني أو إقليمي لا يتم التعاطي معه إلا بما يخدم مصالح الجماعة. لذلك، أخذ التنظيم قوته من هذا الإطار المغلق، وبات تنظيماً عالميا نتيجة لمركزية القرار الذي يخدم مصالح الجماعة.
والضربات المتوالية التي منيت بها جماعة الإخوان المسلمين في ما يسمى "الربيع العربي"، جعلتها في وضع لا تحسد عليه، خصوصا أن التحالف التاريخي بين الإخوان المسلمين والسعودية أصبح في حكم الماضي، وأن دول ما يعرف بـ"الاعتدال العربي" (دول الخليج والأردن ومصر ما قبل الثورة)، التي كانت، وعلى درجات متفاوتة، تدعم الجماعة سياسياً وماليا، لم تتخل عنها فحسب، بل وضعتها على لوائح الإرهاب، مما يشكل أكبر نكسة في تاريخها السياسي المعاصر، بعد أن كانت حليفاً تقليدياً لهذه الدول، وفي أحيان كثيرة كانت ذراعها للتعبير عن توجهات هذه الدول في مواجهة المدين القومي واليساري في خمسينيات وستينيات القرن الماضي!
بالنسبة للحالة الأردنية، يشكل تاريخ الإخوان المسلمين فيها جزءا أصيلا من الحركة السياسية الأردنية. وفي الوقت ذاته، شكلت الجماعة، وعبر مسيرتها السياسية على الساحة الأردنية، تحالفاً تاريخيا مع النظام؛ ما يعني أن ثمة خصوصية تتمتع بها جماعة "الإخوان" في الأردن، تدفعنا إلى عدم التعامل معها بالطريقة التي تعاملت بها مصر والسعودية، بحكم شكل العلاقة بينها وبين النظام من جهة، وبينها وبين الحركة السياسية الوطنية والمجتمع من جهة ثانية.
التعاطي مع الإخوان المسلمين بنفس الطريقة التي تعامل بها الآخرون معهم، يؤدي إلى ردود فعل متطرفة، العالم العربي في غنى عنها، خصوصا في هذا الوقت بالذات، مع تصاعد وتيرة المد الإسلامي المتطرف، والذي أسست قواعده، وللأسف، الجماعة ذاتها، عندما تفرخت من رحم أيديولوجيتها جماعة القاعدة والسلفية الجهادية!
"الإخوان" في الأردن لا يتركون مناسبة إلا ويؤكدون فيها على أنهم جزء أساسي من حركة النظام والمجتمع. وعلى هذا الأساس يجب التعامل معهم، بعيدا عن المؤثرات الإقليمية التي جعلت من أصدقاء الأمس أعداء اليوم. وفي حال بقي الوضع الإقليمي يستعدي الجماعة، فإننا في الأردن معنيون باستيعابها أكثر من أي وقت مضى، لأن أي طرح آخر يتم التفكير فيه سيؤدي إلى ثلاثة سيناريوهات:
الأول: انشقاق الجماعة وانضمام جزء منها، وخصوصا الانتهازيين، للسلطة.
الثاني: لملمة التنظيم وقيام تنظيم جديد يلغي الخصوصية الأردنية.
الثالث، وهو الأسوأ: قيام تنظيم متطرف يهدد أمن البلد.
لذلك، على الجماعة مراجعة حساباتها بما يخدم خصوصيتها الأردنية!