ظاهرة البطلجة السياسية بحاجة إلى إنهاء


أخبار البلد – عمرشاهين -عادت المدرسة المصرية السياسية لابتكار دروس الإعلام والسياسية في الوطن العربي، ورأينا وسنرى الكثير من التقليد لما قيل ونفذ في الثورة المصرية، وسيعود الإعلام المصري ليسيطر على جميع الإعلام العربي ويكون في مشهده الأول.

ثورة 25 يناير لها خصوصية فريدة، وطريقة تطبيقها، كانت مذهلة، ليس من جهة النتائج فقط ، بقدر الحفاظ على أخلاقيات، الثورة ، وقد يسجل هذا في التاريخ لمظاهرات مليونية، حافظت على مثالية طرحها، وتفوقت على كل ما يمكن أن تزل به الثورة، من حيث الشعارات ، والمطالب وبل الاتهامات.

 وأكثر  ما وجد رواجا ، كلمة "البلطجية" أو "الزعران "وهي كلمة عامية تستعمل في مصر وبلاد الشام لأصحاب السلوك السيئ والمأجورين، أو لنقول لمن لا يحسب لتصرفه شانا، وانتشر اللفظ، بعد هجوم أشخاص عبر الجمال والخيول على المعتصمين في ميدان التحرير.

ما حرى يوم الجمعة في الأردن اعتداء بلطجي على المواطنين، واتهمت الأجهزة الأمنية وغيرها،وتم نفي ذلك بقسم شرف عسكري،  وهناك من يقول أنها من  طرف ثالث،  وهنا خرج في نفسي سؤالا ، إذا اعتبرت العصي، بلطجة ،أو ليس في المقابل هناك بلطجة لفظية ، تستغل حال الثورات العربية. الحالية وتمارس استقروء على كسر الحواجر المتفق على خطورتها.

الكل مع التظاهر السلمي، ولكن فهمت المطالب، وأقيلت الحكومة، ودعيت الأحزاب بالمشاركة، ولكن لا يمكن لأي نظام في العالم أن يلبي حقوق  آلاف المطالب في شهر واحد، وأنا اقر بكل ما تطالب به المعارضة، ولا اقصد معاذ الله المعارضة السلمية أو المطالبة بمكافحة الفاسدين واللصوص، والتعبير السلمي، بل حينما يخرج البعض عن المألوف ويستغل المجريات العامة حالة الاحتقان، ليخرج عن أخلاقيات الأدب العام .فهذا يمكنا أن نسميه بلطجة :"لفظية "

لا يمكن أن ننسى أن للأردن حالة خاصة واستغلال بعض المظاهرات دون هدف، لا يمكن قبوله، فمعالجة الفساد لا تأتي، من استقواء على امن الشارع ، وإخراج ألفاظ قد تؤدي إلى الهاوية ، والتمادي على خطوط حمراء ندرك جميعا مصائب تمزقها،  فالمشكلة في الأردن أن أي مطالب لها مضاد جاهز، وأن يتهم بأنه إقليمي عنصري ،أو باحث عن حقوق منقوصة،  أو تابع لإيران ويحمل أجندة أمريكية فالتهم دوما جاهزة .

 

فمنذ أحداث تونس ومصر، نقلت النشوة إلى جميع البلاد العربية، وخاصة في الأردن، وتفرجت أسارير المعارضة، التي اطمأنت ، على طول صبر الحكومة، لكل ما ستقوم به، وان الشوارع اليوم مفتوحة، وستتجنب الأجهزة الأمنية أي عرقلة لمسيرة ، أو اعتقال امني، حتى لو مزقت الخيوط الحمراء.ولكن هنا تظهر أخلاق المعارضة، والمتظاهرين، بان يكون كل شخص رقيب لسانه وتصرفه، ويدركم أبعاد ما يطالب أو يتحدث به.

لا ننكر أن الأردن عانى مثله مثل أي دولة عربية، من الفساد المالي ،الذي سرق من جيوب المواطنين ووضع في حسابات بنوك كبار السياسيين، ومن ثم حمل الشعب، نتاج هذا كله، وفرضت عليه الضرائب لتعويض ما سرقه الكبار، وعانى الشعب من تجارب الموظفين الكبار ، وزورت آرائهم   ومطالبهم في المجالس النيابية، وهذا يبنى عليه تشريعات وقوانين مزورة، لان من صوت لها هم من اختارتهم الحكومات بعناية عبر تزوير فاضح ومكرر .

واليوم نرى أن الأنظمة العربية عموما ، استدركت خطاها وان الصبر الشعوب ليس إلى يوم القيامة، بل أصبح سريع الانفجار، ولم تعد كل أساليب الرقابة ، تفيد في منع تواصله، ووصل إلى حالة الامبالاة حتى لو كانت النتيجة هي الموت، ولكن هذا لا يعني أن هناك معجزة اسمها إصلاح سياسي خلال شهر واحد .

 لكل بلد عربي خصوصية جغرافية أو طائفية أو قبلية تختلف عن الأخرى، والأردن من أكثر هذه البلاد الذي لا تحتمل تقسيماته أي تازيم غير مقبول، فأي مسؤول يتحدث كموالي أو معارض يفسر حديثه حسب أصله و مرجعيته، وهناك ريبة وتفسيرات لكل ما يقال، وما نتحدث به في البيوت ، لا ننشره في العلن.

 نتمنى مثلما نحارب البلطجة عبر العصي أن نمنع من يستخدم أسلوب البلطجة اللفظية والاستفزازية فهناك الكثير ممن يركبون الموجة، ويستغلون الحدث، ويرمون بأوهام وأصبح الفاسد يقف في الصف الأول ليشتم الفساد،  وهناك حقا بلطجة واضحة لفئة قليلة في الشارع أو الإعلام ،  فلم يتبق سوى ان تعتصم امرأة وأطفالها لان زوجها تأخر ربع ساعة، وأعيد واكرر لا أتحدث عن التعبير والمسيرات السمية بل اقصد البلطجة اللفظية التي من الممكن أن تترك أثارا اشد من بلطجة العصي والسكاكين .

Omar_shaheen78@yahoo.com