المرحوم د. أشرف الكردي

أخبار البلد - يحيى شقير 

بالأمس القريب مررت قرب عيادة الأردن في جبل عمّان الدوار الثاني، وترحمت على د. أشرف الكردي، الذي تحل بعد شهر الذكرى الثانية لرحيله.

ود. الكردي أول طبيب دماغ وأعصاب في الأردن، وأول من أجرى دراسة مسحية عن مرض التصلب اللويحي MS في الأردن. وكان نائبا لرئيس الاتحاد العالمي للعلوم العصبية واستاذا زائرا في هارفارد. كما كان وزيرا للصحة وعضو مجلس اعيان.

ولا أهدف في هذا المقال التطرق إلى مجد المرحوم المهني وهو حقيق به لكن التطرق إلى معلومات غير معروفة بل وقد ترقى إلى مرتبة الأسرار.

وتعود علاقتي مع الراحل الكردي إلى لقاء صحافي معه بعد تشخيص حالة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد سقوط طائرته في الصحراء الليبية عام 1992 وإجراء عملية جراحية له بمدينة الحسين الطبية على يد جراح الدماغ والأعصاب المشهور د. عادل الشريدة.

وروى لي د. الكردي أنه آنذاك تلقى اتصالا من جلالة الملك الحسين بعد منتصف الليل يدعوه لسرعة الحضور إلى الديوان الملكي؛ حيث كانت الحالة الصحية للرئيس عرفات ليست على ما يرام. وروى لي الكردي أن عرفات كان في تلك اللحظة "يلعن ويتحدث كلاما من الزنار وتحت". وأن أول علامة تشخيص شاهدها الكردي كانت "عدم توازي نظر عرفات"، وهي علامة مهمة عند أطباء الدماغ. وهنا قال الكردي للحسين إنه يجب إدخال عرفات إلى المدينة الطبية، وطلب منه الحسين أن يوقظه حال انتهاء التشخيص ففعل د. الكردي ذلك الساعة الثالثة والنصف مؤكدا ضرورة إجراء عملية جراحية لعرفات فورا. وهنا طلب الحسين من الكردي تأخير ذلك للقيام بإجراء اتصالات مع القيادة الفلسطينية والسعودية وروسيا لكن الكردي أكد خطورة كل دقيقة تأخير.

وفيما بعد توطدت علاقتي بالمرحوم الكردي فساعدته في تأليف كتاب "دور العرب والمسلمين في العلوم العصبية"، حيث كان دوري جمع المعلومات من مظانها الأولية وهو يعلق عليها طبيا، وكنا نلتقي اسبوعيا لمدة خمس سنوات. وقد نشر الكتاب مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض وفاز بجائزة التقدم العلمي في الكويت. وبعد عودته من الكويت وضع على الطاولة مبلغ الجائزة الكبير ودعاني أن آخذ ما أريد فأخذت الخمس.

وهناك أسرار رواها د. الكردي لم يحن الوقت بعد للكشف عنها، فمكانة الرجل الطبية أتاحت له معرفة اسرار كثيرة، فقد عالج ملوكا ورؤساء دول وأمراء.