رحم الله البركه


أتذكر عندما كنت صغيرا, كان الأردن أجمل بلاد العالم بالنسبة لي , كان الأردن وطني وأبي وأمي وكل ما املك , ما زلت اذكر والدي رحمه الله وهو يدخل المنزل بزيه العسكري بشعار جيشنا العربي موسما بالقوة وعزت النفس الابيه, في تلك الأيام كنا لا نأكل الدجاج إلا يوم ألجمعه ,علما بان الدجاجة كان سعرها قرشين ونصف ولكن من يملك القروش لا احد, وكنا سعداءجدا وطعم الدجاج على يد أمي كان أزكى من دجاج kfc هذه الأيام.
كنا نشرب من ماء البئر وكانت السحالي والأفاعي والحمير والخيول تشرب منه أيضا وكان الماء عذبا نقيا وليس مالحا مثل هذه الأيام, كان المنسف خبز ولحم ولم يصل إلينا في ذلك الحين اختراع الرز بعد, بالرغم من ذلك كان الكرم كبيرا والبركة اكبر , كان من يملك حصان كأنه يملك سيارة مرسيدس هذه الأيام ولم تكن تهمنا أو تهزنا قرارات الرفع للوقود , كانت الكلاب تحرس البيوت والمحلات وكان كل شي أمنا ولم نسمع بالسرقات إلا هذه الأيام عندما تولى البشر الحراسة , كان التلفاز اسود وابيض وقلوبنا اسود أو ابيض مثله وليس بيننا متلونين , كانت صلاة العجائز في تلك الأيام بسيطة, خمس صلوات في كل صلاة ركعتين فقط وأحيانا لا يقرؤون ألفاتحه وكانوا اصدق الناس وأطهرهم وكنت اشعر أنهم اقرب إلى الله من كل شيوخنا الزائفين هذه الأيام بلحاهم المصبوغة الطويلة , كنا نلعب لعبة الطابه والسبع جورات وكانت الطابه عبارة عن جرابات قديمه مطوية على شكل كره و الملعب بيدر القمح , كانت الجائزة للفريق الفائز زجاجة كرش من دكان الحارة , والفرحة بالفوزكانت تعادل فرحة ميسي بهدفه عشر مرات هذه الأيام , كنا نحلق رؤوسنا عند الحكيم ونطهر أولادنا عند الحكيم ونعالج مرضانا عند الحكيم فهو الطبيب والكوافير والخبير وكل هذا مقابل قروش بسيطة وأمراضنا كانت ابسط , وليس كهذه الأيام مستشفيات ومختبرات ودواء ومعدات وأمراض أكثر منها عددا واكبر تعقيدا , كانت حياتنا بسيطة وكنا بسطاء سعداء نحب بعضنا بعضا ونعرف بعضنا بعضا حتى بتنا هذه الأيام لا نعرف أسماء أولادنا ولا أسمائنا فتهنا وضعنا وضيعنا ألبركه من حياتنا , نقضي نصف يومنا متزاحمين على طوابير الخبز والبنك والفلافل والوقود رحم الله البركة .
الكاتب
د. عماد الحسبان