المحامي فيصل البطاينه يكتب : الخصخصة جريمة لا تغتفر

أخبار البلد - ثبت لنا جميعاً ان الخصخصة في الاردن هي وكر الفساد والفاسدين مثلما هي تنشيط لعهد الامتيازات الاجنبية التي كانت من الأسباب الرئيسية لإنهيار الأمبراطورية العثمانية مثلما هي السبب الرئيسي لفصل سنغافورة عن ماليزيا حين انتهجت الحكومة الماليزية بيع الأراضي والعقار للأجانب في سنغافورة وخصخصت مؤسسات الدولة وباعتها لهم مما أدى الى فصلها عن الوطن الأم واصبحت مستقلة يحكمها الأجنبي والشريك الاستراتيجي الذي أصبح هو ابن البلد واصبحوا ابناء البلد الأصليين أقلية ينهشها الفقر وتتفشى بها البطالة ويحرقها الأحتكار ويقتلها الغلاء ورفع الأسعار . فكيف هي الحال حين يكون المالكين الجدد لمشاريع الخصخصة صهاينة متجنسين أمريكياً او بريطانياً او فرنسياً أو كندياً مستذكراً ما حصل في مصر قبل سنوات عندما خصخصت بعض المشاريع وتبين لهم ان المشتري لها كان صهيونياً فأوقفت خصخصتها الى ان عاد المشترين ذاتهم بجوازات سفر أجنبية غير أسرائيلية . من هنا كثير من الدول اعتبرت الخصخصة اعتداء على سيادتها واستغلال لأوضاعها الاقتصادية من أجل الأنقضاض على ثرواتها البشرية والطبيعية.

 

وعودةً الى الموضوع كنا ببلادنا نعرف الفساد قبل الخصخصة بأنه بدافع الحاجة لموظف صغير يرتشي ويحال الى القضاء ويقضي سنوات في السجون ويعتبر به غيره أما كبار الموظفين فلم يظهر فسادهم الا من خلال بعض الصغار الذين يسمون بالمفاتيح. الى أن جائت وصفات البنك الدولي الذي حملها لنا بعض المسؤولين الذين أطلق عليهم مؤخراً (جماعة الديجيتال) وأبتدأت الخصخصة استناداً الى هذه الوصفات الدولية بخصخصة قطاع الاتصالات الذي ظهرت مساوئه هذه الأيام بوضوح من خلال زيادة البطالة بعد أن أستبدل موظفوها بالخبراء الأجانب وبموظفين برواتب عالية أقتضت مساعدتهم مؤامرة الخصخصة في هذا القطاع حيث تفشت المحسوبية من قبل بعض المسؤولين في تأهيل أبنائهم والمحاسيب عليهم للعمل بدل أبناء الطبقة الوسطى والمعدومة مثلما تظهر من خلال قوانين الأحتكار التي تضمن مستقبل من أصبحت هذه المؤسسات ملكاً لهم ليبنوا بها اقتصاد بلدانهم ويهدموا اقتصادنا على حساب المستهلك ودافع الضريبة الأردني وكلما زادت الحكومة الضريبة على استعمال الخدمة تحملها شركات الاتصالات المخصخصة للمواطن الأردني ، هذه القوانين الاحتكارية التي كانت السبب الرئيسي في الغلاء ورفع الأسعار الجنوني الذي أدى ويؤدي الى الإسراع في انقراض الطبقة الوسطى والحاقها بالمسحوقة المعدومة عن الديون التي ستقايض ، كما يصبح للأجانب المستثمرين نصيب في الدخل المحلي مثلما يتيح لهم وعبر المؤسسات المخصخصة الهيمنة الاقتصادية وذلك في ضوء الامتيازات الممنوحة لهم كالحرية بتحديد الأسعار والاجور ونوعية التقنية المستخدمة والاعفاءات الجمركية والضريبية ، وعودة الى الثمانينات من القرن الماضي لم تكن مديونية الأردن بالمليارات بل بالملايين التي كانت تغطى من الدعم العربي والانتاج المحلي مذكراً ان ما دخل خزينة الأردن من الدعم العربي الذي تزعمته العراق بأوائل التسعينات في القرن  الماضي كان عشرات المليارات .

 

وما أن بدأنا في الخصخصة بقطاع الاتصالات واستمرينا بالمياه والكهرباء وبالثروات الوطنية كالبوتاس والفوسفات حتى قفز العجز من مليارات تعد على أصبع اليد الواحدة لتصبح هذه الأيام بعدد أصابع الأيدي والأرجل وهي بتزايد مستمر ، وتتحول قضايا الفساد من عشرة دنانير يتقاضاها مراسل في احدى الدوائر مقابلها يحبس 3 سنوات الى عشرات الملايين يتقاضاها مسؤول ويأتي اليوم ليبيعنا المثل وبأنه يلتزم ملاحقة الفاسدين واحالتهم الى الدوائر المختصة بالوقت الذي يهرب هو وغيره من الفاسدين الأموال التي أختلسوها من دماء الشعب الأردني الى الخارج عن طريق بيع عقارات بعشرات الملايين وشراء مقابلها في لندن وباريس أو عن طريق شركات عربية دخلت علينا من باب المساعدة والدعم لتصبح مهيمنة علينا من الاستعمار الذي دخل من أجل حماية الشعوب ليدمرها بالنهاية.

 

 

وخلاصة القول ماذا جنينا كشعب من الخصخصة واين المقابل الذي جنته الحكومات التي خصخصت وهل دخل بالموازنة أم بقي بالحفظ والصون علينا جميعاً أن نعي  أن الخصخصة في بلادنا كانت المصنع الضخم والأرض الخصبة لأولئك الفاسدين الذين منهم من أكتفى مرحلياً ومنهم من يلبس اليوم شعار الأخلاص والوطنية والانتماء والتباكي على ما وصلنا اليه دون أن يعلم أنه من الأسباب الرئيسية لذلك مذكراً أولئك بقول الشاعر

 

لا يغرنك هتاف القوم بالوطن

فالقوم بالسر غير القوم بالعلن

 

وان غداً لناظره قريب