لا تقتلوا الحريات في النقابات!!


تستعدّ أكثر من نقابة مهنيّة في بداية صيفنا هذا لانتخاب الهيئات المركزية والفرعية في المحافظات، للنهوض في العمل المهنيّ وتقويته في ظل السكون الذي يخيّم على المشهد المؤسسيّ في دوائر الدولة مع اعتراف ضمنيّ من الحكومة ومراقبيها أن مؤسساتنا الإدارية والإنتاجية ليست أحسن حالاً من ناحية العطاء، وليست الأفضل على سلّم الشفافية الدولية الذي يقيس قوة الأداء ومواطن الضعف في ثنايا المؤسسات مثل: الفساد، والترهل الإداريّ وغيرها.

ومع ذلك يعدّ الأردن من أكثر الدول على الخريطة العربية الذيّ يعتليّ دستوره مادة رئيسة ألا وهي حرية الفرد في التعبير والرأيّ وفق المساحة المنصوص عليها في القانون، وكان ذلك كفيلاً بتسويقً ديمقراطيتنا للدول العالمية على أننا دولة مع التعددية وحريصة كل الحرص على فتح باب الحوار المجتمعيّ على مصرعية، بالإضافة للسماح للناخب بحرية اختيار ممثليه وفق قناعاته وليس قناعات صانعيّ القرار، حتى باتت ديمقراطيتنا الأنشط دولياً والأقدم عربياً وفق ما يراه بعض محللو الصف الأول من السياسيين المحسوبين على صالونات معينة في العاصمة عمان.

لكن في الاتجاه الآخر يرى آخرون أن الحريات في الأردن تتجه نحو التضييق وبخاصة في الإعلام والعمل النقابيّ وأن هناك من يعملون على تجفيف منابع العمل المهنيّ وبالنهاية الخروج بمقرّات مهنية أشبه بديكورات تراثية، ومتاحف ترصد فيها إبداعات عاملينا في كافة القطاعات، والتضييق على الشخوص البارزين في العمل السياسيّ والنقابيّ والتي تختلف طريقه عملهم عن بقية من يجتهدون في عملهم على أنهم الاحرص في خدمة الوطن والارتقاء به، لذلك عليهم البقاء في مقاعد العمل المؤسسيّ لأكثر مدّة ممكنة، وإذا كانت حجتهم هذه صائبة لما هذا التراجع في القطاع الحكوميّ؟ ولما هذا الترهل المالي والإداري؟ الذي استنفذ الطاقات الإنتاجية للبلد، وجعل مؤسساتنا تعيش أسوا دورة اقتصادية لها، بينما هناك دول شرق آسيوية شبيهه بنا من حيث قلة الموارد ومع ذلك تتصدر القائمة الاقتصادية في القارة.

ولعل نقابة المعلمين تعدّ النقابة الأبرز من حيث الكادر الوظيفيّ، ومن حيث ما تحمله من همّاً متوارث منذ سنوات خلت، لذلك علينا إطلاق العنان لها و وإعطاءها الحرية الكاملة في اختيار ممثليها، وأن تنأى بعض الجهات والأفراد في التدخل في اختيار من يرغب من المعلمين اختياره، وأن لا يكون خيار المعلم مرتبط على أساس جغرافيّ وعشائريّ، وأن لا يرضخ أمام أيّ ضغوطات تمارس عليه، فيختار من قلبه على نقابته وليس من يبحث عن جاه أو برج عاجيّ، أو مكسب حزبيّ، وأن تكون الكلمة الفصل للأغلبية الصامتة من المعلمين الذين يعرفون جيداً من هو الأفضل في الدفاع عن حقوقه بدون الاستسلام لأي جهة كانت، وأن يكون قراره خدمة المعلم فقط.

لتبقى الحرية مادة تطبيقية تأخذ مكانها الحقيقيّ في العمل النقابيّ والمؤسسيّ وأن لا تبقى حبراً على ورق نروّج لها، لكنها في الحقيقة عبارة عن كلمة مجردة نعطّل مضمونها النظريّ والعمليّ حيث ما نريدً.