وساطة بين العراقيين
أوضاع الأقليم لا تسر عدواً ولا صديقاً، والأردن محاط بسوار من النار، فأن لم تصلنا نيرانه، و صلتنا حرارته وادخنته في حالات كثيرة.
الأردن على علاقة جيدة مع العراقيين،على المستوى الرسمي،وبرغم وجود تيارات تناكف الأردن في العراق الجديد،إلا ان العلاقة تبقى جيدة الى حد ما، وهي ذات العلاقة الممتدة سراً وعلناً في مناطق غرب العراق،وهي المناطق التي تدخل في مواجهة كبرى مع بغداد المالكي،هذه الايام، وبدعم من اطراف عربية ودولية، دون ان ننكر وجود مظالم عامة في هذه المناطق.
بحكم مصالح الأردن السياسية والأمنية والاقتصادية، وبحكم الجوار، فمن مصلحة الأردن المباشرة، ألاّ تنفجر الاجواء غرب العراق،خصوصا،ان كل جوار الاردن مدمر باحتلالات و حروب وصراعات مختلفة،وهذا يعني ان الاردن قد يكون مطلوبا منه ان يتوسط بين الفرقاء العراقيين،حماية لوجوده، قبل ان يكون حماية للعراقيين.
للاردن روابط عميقة مع رموز سنية سياسية،ومع نواب من البرلمان العراقي،وشيوخ عشائر من مناطق غرب العراق،هذا فوق الامتداد المعروف عبر صحوات العراق،سابقاً، في وظيفتها المجمدة حالياً، اي محاربة القاعدة.
بغداد قادرة هنا على تفويض عمان للوصول الى حل مع هذه المناطق، والامر لا يتعلق بتجاوز السيادة، بل توظيف التأثير والامتداد،من اجل تهدئة العراق،واذا كانت عواصم عربية كبرى تقف مسبقا في المعسكر الاخر،وتريد شب النيران في العراق،وبالتالي ستقف في وجه الاردن اذا حاول الاقتراب من هذا الملف،فأننا نقول هنا،إن اعادة قراءة تحالفات الاردن خير له،من الواقع الحالي بكثير.
مطلع التسعينيات عقد الفرقاء اليمنيون مؤتمراً للمصالحة في الاردن،اما الملف العراقي،فيمكن مقدماً توظيف اتصالات كثيرة لتهدئة غرب العراق في انتفاضته ضد سلطة بغداد،في مقابل مايمكن ان تقدمه بغداد ايضا لهذه المناطق،وصولا ربما الى مصالحة عراقية تجري في اقرب فرصة،بدلا من ترك العراق ساحة دولية واقليمية وعربية تتلاعب بها دول مختلفة.
الجبهة الشرقية للاردن تمر بظروف صعبة،ولايمكن ان يقبل اي بلد في الدنيا،ان تشتعل النيران حوله دون ان يحاول اطفاءها،وإذا تأملنا جبهات مثل سورية ومصر وفلسطين،سنكتشف ان اكثر جبهة قابلة للاستصلاح حاليا هي الشرقية.
بالطبع لايمكن الدخول في هذا الملف،إلا إذا توافقت اطراف اكبر على هذا الاتجاه،لان الجميع يعرف تأثيرات طهران وعواصم عربية كبرى على هذه التقاطعات،وهذا يعني ان اي مهمة قد تكون محفوفة بالفشل اذا اصرت الاطراف الاقليمية على مواصلة ادارة الواقع بهذا الشكل الخطير والذي يهدد المنطقة مع العراق.
هي مهمة ليست سهلة تلك التي ندعو الاردن اليها،لاننا نعرف ان الواقع في العراق معقد جدا،غير اننا نأمل فقط ان لاتترك بغداد الرسمية ايضا،غربها لهذه الحالة ولتلاعب عواصم كثيرة،وعليها ان تسعى الى حل جذري،والاردن مؤهل لهذا الدور،خصوصا،ان هذه المناطق تؤثر على الاردن مباشرة،ولايمكن وضع العجين في اذن عمان الرسمية،باعتبار ان هذا ليس شأنا من شؤونها.
سياسة استنشاق الادخنة بأقل كلفة بدلا من التورط في النيران،سياسة حميدة،لكنها غير مضمونة العواقب ايضاً،ولا أحد قادرا على تثبيت أي سيناريو يقول إن النار لن تصلنا في نهاية المطاف لا سمح الله.
mtair@addustour.com.jo