حقوق مدنية أم "مزايا خدماتية"؟
كادت تصريحات الدكتور مصطفى حمارنة، قبل يومين من جلسة مجلس الوزراء (أول من أمس)، أن تؤجّل قضية "الحقوق المدنية" لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين، بسبب غضب وزراء من استباق هذا القرار؛ إذ اعتبروها تصريحاتٍ استفزازية، توحي بأنّهم ينفّذون أوامر مسبقة. إلا أنّ "المطبخ الحكومي" تجاوز هذه الإشكالية، وخرج بصيغة جديدة فيها قدر جيّد من "التوفيقية"؛ تبتعد عن الهواجس المؤجّجة لشريحة واسعة من المواطنين، وتزيل، في الوقت نفسه، جزءاً أساسياً من القيود أمام شريحة أبناء الأردنيات.
تفسّر مصادر حكومية، قانونية وسياسية، مطّلعة، اجتراح مفهوم "المزايا الخدماتية" بدلاً من مصطلح "الحقوق المدنية"، بأنّ الأخير مصطلح فضفاض واسع هلامي. وإذا ما عدنا إلى مضمونه في "الشرعة الدولية" عموماً (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، فإنّه يتطلّب تغييرات تشريعية كبيرة؛ ما يعزّز هواجس تيار واسع معارضٍ لها، يخشى أن تصبح هذه الحقوق "بوابة واسعة" نحو التجنيس والتوطين المزعوم!
في المقابل، فإنّ جوهر مطالب أبناء الأردنيات المشروع والعادل، مرتبط، عملياً، بتسهيل الحياة اليومية، وإزالة العقبات القانونية والإدارية والمالية التي تحول دون استفادتهم من متطلباتٍ أساسية إنسانية؛ مثل الإقامة والصحّة والتملك والتعليم، وغيرها من حقوق متعددة. فمن الممكن، وفقاً لهذه المصادر، تقنين وتأطير تلك العقبات ومعالجتها لتيسير حياة أبناء الأردنيات، وتمكينهم من جزء أساسي من حقوقهم المدنية، من دون الاقتراب من جدلية التجنيس التي تُفزع ذلك التيار النافذ.
هذه المزايا الخدماتية هي، بالضرورة، جزء من الحقوق المدنية الشرعية الطبيعية لهذه الشريحة، والتي ظُلمت بسبب طبيعة المعادلة الديمغرافية السياسية المركّبة المؤقّتة في البلاد. وربما أدى توقيت طرحها بالتزامن مع حالة الاستقطاب النخبوي الواضحة، إضافة سوء إدارة الحكومة لهذا الملف المهم، إلى عدم إنصاف أبناء الأردنيات بصورة كاملة!
حتى الصيغة المقترحة، من منظور قانوني-حقوقي، ليست كافية، ولن ترضي المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان؛ لكنّها ضمن التقاطعات المعقّدة في الحالة الأردنية جيّدة، وتساعد على التخلّص من جزء كبير في الشعور بالمظلومية لدى أبناء الأردنيات، والذين تشير بعض التقديرات إلى أنّ عددهم يصل إلى 300 ألف شخص.
ماذا تعني "المزايا الخدماتية"؟ هي محاولة لتذليل العقبات والصعوبات المادية والقانونية والإدارية التي تصعّب حياة أبناء الأردنيات اليومية الطبيعية. فهم وإن كانوا يحصلون على جزء من هذه الحقوق، إلاّ أنّ هناك ضرورة لاستكمال أجزاء أخرى منها، وتصحيح بعض الأوضاع، بخاصة في مجال الصحّة والعلاج والتعليم والعمل والتملّك.
على صعيد التعليم؛ فإنّ أبناء الأردنيات يدخلون المدارس والجامعات الحكومية، لكنّهم يدفعون رسوماً أكبر بكثير من أقرانهم الأردنيين. ومن المفترض، وفقاً لهذه "المزايا الجديدة"، أن تتم مساواتهم بالأردنيين، أو التخفيف من سقف الرسوم. وكذلك الحال بشأن تلقي العلاج في المستشفيات الحكومية، وموضوع الإقامة وتوسيع مدّة تجديدها، ومنحهم وثيقة إقامة بدلاً من جواز سفر رسمي، لتجنّب مخاوف التيار الآخر.
وتشمل هذه "المزايا" منحهم "رخصة سواقة" (خصوصية)، وتخفيض الرسوم المختلفة عليهم. وفي مجال العمل، فإن أحد المقترحات يتمثل في أن تعطى الأفضلية في مجال سوق العمل، بعد الأردنيين، لأبناء الأردنيات في القطاعات المغلقة، مع حقهم في العمل والمنافسة في القطاعات المفتوحة.
من المفترض أن تضع الحكومة، خلال الأسابيع المقبلة، خطّة عمل محكمة تنفيذية، مع مقدّمة سياسية واضحة لأهمية هذه الخطوة وأبعادها. ثم تحدّد ما المقصود بهذه المزايا-الحقوق، وكيف يمكن تطبيقها، وما هي التعليمات والأنظمة المطلوب تعديلها لأجل ذلك.
في نهاية اليوم، ليس هناك رابح وخاسر في هذه المسألة الحقوقية الإنسانية بدرجة أولى. بل الوطن سيربح؛ فقط إذا غلّبنا روح التفاهم والحوار، على التشكيك والتحريض!
تفسّر مصادر حكومية، قانونية وسياسية، مطّلعة، اجتراح مفهوم "المزايا الخدماتية" بدلاً من مصطلح "الحقوق المدنية"، بأنّ الأخير مصطلح فضفاض واسع هلامي. وإذا ما عدنا إلى مضمونه في "الشرعة الدولية" عموماً (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، فإنّه يتطلّب تغييرات تشريعية كبيرة؛ ما يعزّز هواجس تيار واسع معارضٍ لها، يخشى أن تصبح هذه الحقوق "بوابة واسعة" نحو التجنيس والتوطين المزعوم!
في المقابل، فإنّ جوهر مطالب أبناء الأردنيات المشروع والعادل، مرتبط، عملياً، بتسهيل الحياة اليومية، وإزالة العقبات القانونية والإدارية والمالية التي تحول دون استفادتهم من متطلباتٍ أساسية إنسانية؛ مثل الإقامة والصحّة والتملك والتعليم، وغيرها من حقوق متعددة. فمن الممكن، وفقاً لهذه المصادر، تقنين وتأطير تلك العقبات ومعالجتها لتيسير حياة أبناء الأردنيات، وتمكينهم من جزء أساسي من حقوقهم المدنية، من دون الاقتراب من جدلية التجنيس التي تُفزع ذلك التيار النافذ.
هذه المزايا الخدماتية هي، بالضرورة، جزء من الحقوق المدنية الشرعية الطبيعية لهذه الشريحة، والتي ظُلمت بسبب طبيعة المعادلة الديمغرافية السياسية المركّبة المؤقّتة في البلاد. وربما أدى توقيت طرحها بالتزامن مع حالة الاستقطاب النخبوي الواضحة، إضافة سوء إدارة الحكومة لهذا الملف المهم، إلى عدم إنصاف أبناء الأردنيات بصورة كاملة!
حتى الصيغة المقترحة، من منظور قانوني-حقوقي، ليست كافية، ولن ترضي المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان؛ لكنّها ضمن التقاطعات المعقّدة في الحالة الأردنية جيّدة، وتساعد على التخلّص من جزء كبير في الشعور بالمظلومية لدى أبناء الأردنيات، والذين تشير بعض التقديرات إلى أنّ عددهم يصل إلى 300 ألف شخص.
ماذا تعني "المزايا الخدماتية"؟ هي محاولة لتذليل العقبات والصعوبات المادية والقانونية والإدارية التي تصعّب حياة أبناء الأردنيات اليومية الطبيعية. فهم وإن كانوا يحصلون على جزء من هذه الحقوق، إلاّ أنّ هناك ضرورة لاستكمال أجزاء أخرى منها، وتصحيح بعض الأوضاع، بخاصة في مجال الصحّة والعلاج والتعليم والعمل والتملّك.
على صعيد التعليم؛ فإنّ أبناء الأردنيات يدخلون المدارس والجامعات الحكومية، لكنّهم يدفعون رسوماً أكبر بكثير من أقرانهم الأردنيين. ومن المفترض، وفقاً لهذه "المزايا الجديدة"، أن تتم مساواتهم بالأردنيين، أو التخفيف من سقف الرسوم. وكذلك الحال بشأن تلقي العلاج في المستشفيات الحكومية، وموضوع الإقامة وتوسيع مدّة تجديدها، ومنحهم وثيقة إقامة بدلاً من جواز سفر رسمي، لتجنّب مخاوف التيار الآخر.
وتشمل هذه "المزايا" منحهم "رخصة سواقة" (خصوصية)، وتخفيض الرسوم المختلفة عليهم. وفي مجال العمل، فإن أحد المقترحات يتمثل في أن تعطى الأفضلية في مجال سوق العمل، بعد الأردنيين، لأبناء الأردنيات في القطاعات المغلقة، مع حقهم في العمل والمنافسة في القطاعات المفتوحة.
من المفترض أن تضع الحكومة، خلال الأسابيع المقبلة، خطّة عمل محكمة تنفيذية، مع مقدّمة سياسية واضحة لأهمية هذه الخطوة وأبعادها. ثم تحدّد ما المقصود بهذه المزايا-الحقوق، وكيف يمكن تطبيقها، وما هي التعليمات والأنظمة المطلوب تعديلها لأجل ذلك.
في نهاية اليوم، ليس هناك رابح وخاسر في هذه المسألة الحقوقية الإنسانية بدرجة أولى. بل الوطن سيربح؛ فقط إذا غلّبنا روح التفاهم والحوار، على التشكيك والتحريض!