إنفلات مقلق وفوضى خطيرة في أسواق المواد الغذائية والتموينية


أخبار البلد

لا أحد ينكر الجهود الحكومية في ضبط هذه الظاهرة القديمة الجديدة خاصة ونحن نطالع الأخبار التي تتحدث عن مصادرة سلع غذائية منتهية الصلاحية، الا ان هذه الظاهرة لا تزال منتشرة بين عدد كبير من التجار، الأمر الذي اصبح يثير القلق لتكرارها وأخطرها تلك المنتجات الغذائية التي تخص الأطفال، مثل الشيبس والشوكلاته والبسكويت وغيرها.
ولا شك ان هذه الظاهرة الخطيرة علينا ألا نتركها تمر مرور الكرام، لأنها تفرض على كافة الأجهزة الرقابية بمختلف انواعها للتشدد في مراقبة الأسواق وهي مناسبة أيضا للاعلام وللجهات المعنية للتنبيه الى خطورة هذه الظاهرة، وضرورة التوعية بأهمية سلامة الأغذية التي نتناولها لضمان صحتنا وصحة من حولنا من أطفال صغار وكبار.. رجال ونساء.. ولاتستثني أحدا على الاطلاق.‏ ونعلم تماما أن فترة الصلاحية لأي منتج غذائي هي مواصفة الزامية لجميع السلع سواء المصنعة محليا أو المستوردة، وتؤكد كافة الأنظمة النافذة على ضرورة ان تحمل كل سلعة بطاقة بيان تعريفية عن محتواها وطرق استعمالها ومصدرها ووزنها الصافي إلى جانب تسجيل فترة الانتاج وانتهاء الصلاحية، والتي تختلف بحسب طبيعة السلعة وتركيبها وخواصها ومدى تحملها لكافة الظروف المتعلقة بالتخزين والعرض والنقل والتداول.‏ وبالطبع.. لا بد لنا من الانتباه هنا إلى أن فترة الصلاحية قد تكون لفترات زمنية محدودة، ولأيام قليلة فقط لبعض المنتجات، مثل الألبان ومشتقاتها وبيض المائدة، والدواجن واللحوم الطازجة وغيرها، ومنتجات اخرى صلاحيتها تمتد لشهور عديدة، مثل العصائر والمشروبات والاجبان والشعيرية والمعكرونة، ومنتجات تبقى صالحة للاستهلاك لسنوات، مثل الأغذية المجففة والمعلبة والمجمدة، وهذه الفترة هي دليل تشريعي غذائي وفي الوقت نفسه دليل ارشادي للصانع والتاجر والمستهلك من أجل ضمان جودة الغذاء أو المنتج وسلامته التامة.‏ إلا انه.. وللأسف فإن فترة الصلاحية تبقى مجرد حبر على ورق، بدليل عرض السلع والاطعمة على البسطات والعربات المكشوفة في الشوارع وعلى الأرصفة تحت الأمطار والغبار أو اشعة الشمس الحارقة، دون غطاء يحميها او تبريد، والأخطر من ذلك عرض انواع من الدجاج واللحوم المجمدة في العراء وفي المساء يتم اعادتها الى الثلاجات وعرضها مجددا في صباح اليوم التالي، وهنا تكمن مخاطر صحية تؤكد فساد تلك المنتجات رغم وجود ليبل يؤكد صلاحيتها لفترات مقبلة.‏ ولا بد لنا هنا الاشارة الى بعض الممارسات المؤذية، عندما يقوم بعض اصحاب المحال التجارية في سوق السكر خلف المسجد الحسيني الكبير في وسط البلد بإعادة تصريف مواد غذائية وتموينية، مثل «الأرز» و»السكر» منتهية الصلاحية بأسعار مخفضة، من خلال إعادة تعبئتها بأكياس بلاستيكية وبأوزان متعددة، دون ان تحمل اي تواريخ للانتاج وانتهاء الصلاحية في ظل ضعف لافت في الرقابة.
ايضا.. علينا ان لا نغفل عن ان معظم العروض التشجيعية التي تقدمها بعض «المولات»، هي لمواد غذائية وتموينية، شارفت مدة صلاحيتها على الانتهاء، وذلك لضمان عدم تلفها عند التجار وبعض اصحاب المولات، حتى لو كان ذلك على حساب صحة المواطن.
وعلينا ايضا ممارسة الدور التوعوي للمستهلك أن لكل سلعة دون استثناء تاريخ صلاحية، وعلى سبيل المثال بيض المائدة يفترض أن يكون تاريخ الصلاحية على كل عبوة وكذلك للقهوة والبهارات والزعتر بعد الطحن، وحتى المياه المعلبة في عبوات بلاستيكية، لها فترة صلاحية، وبعد فتح اي سلعة معلبة او معبأة، فإن مدة صلاحيتها ليست طويلة بعد الفتح، فهي تستمر لايام قليلة معدودة في درجة الحرارة العادية او اذا وضعت في التبريد، لأن تركها لمدة أطول يجعلها فريسة سهلة للميكروبات، وبالتالي التسبب بأمراض مايكروبية خطيرة تداهم المستهلك وتصيبه في صميم صحته.
مجمل القول: ان هذا التهاون المبالغ فيه بصحة المواطنين يكلف الدولة وجميع شرائح المجتمع اموالا طائلة، في مجال الرعاية الصحية اذ ان النتيجة الحتمية لهذا الاستهتار هو انتشار الامراض بين المواطنين ولا سيما الاطفال، الذي لا تتحمل مناعتهم الحساسة الامراض.. هذا وغيره يفرض ان تعمل كافة الجهات الرقابية الحكومية، بما يمليه عليها الواجب والضمير لحماية المواطن، من هذا الانفلات المقلق في موضوع الغذاء، والذي سيبقى مستمرا في ظل ضعف الرقابة او غيابها، لتبقى مقاليد الأمور في يد التجار، وهذا ما يعد انتهاكا صريحا لحقوق المستهلكين في «غذاء سليم وآمن» والتي هي جزء من حقوق الانسان التي كفلتها التشريعات والقوانين والاعراف الاردنية والدولية على حد سواء.
اننا نطالب بمتابعة الموضوع بجدية واهتمام وتغليظ العقوبات بحق المستهترين بصحة المواطن، التي يقول عنها المسؤولون انها «خط احمر»!!