نقابة المعلمين وتسلق المرتفعات

ﻛﺎن اﻟﻣﻌﻠﻣون ﺟﺳدا ﻛﺑﯾرا ﻣﻣزﻗﺎ ﺑﻼ رأس وﻻ ﻛﯾﺎن وﺑﻼ ﻛراﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻷرض، ﺣﻘوﻗﮭم ﺿﺎﺋﻌﺔ ﺑﻌﯾدة، وإن ﺣﺻﻠوا ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﯾل ﺑﻌد ﺳﻧﯾن ﻓﮭو أﻋطﯾﺔ ﺑﻣّن وأذى ﯾﺗﻠﻘﺎھﺎ اﻟﻣﻌﻠم ﻓرﺣﺎ ﻏﯾر ﻣﺻدق وﯾﮭرول ﺑﮭﺎ ﺿﺎﺣﻛﺎ!

ﻛﺎن اﻟﻣﻌﻠم ﻓﻲ ﻣدرﺳﺗﮫ ﯾﺗﻌرض ﻟﻺھﺎﻧﺔ ﻣن اﻟطﻼب وأوﻟﯾﺎﺋﮭم وﯾﻘﺎد ﻟﻠﻣﺧﺎﻓر، ﻻ ﯾداﻓﻊ ﻋﻧﮫ إﻻ أھﻠﮫ اﻷﻗرﺑون، وﯾﻧﺟو ﻣن اﻟﻌﻘﺎب ﺑﺎﻟرﺟﺎء واﻟواﺳطﺔ وﺑوس اﻟﻠﺣﻰ، وﯾﻛظم ﻏﯾظﮫ ﺑﺎﺳﺗﻣرار وإن ﻛﺎن ﻣﺣﻘﺎ وھو ﯾﺷﻌر أن ﻣﮭﻧﺗﮫ ھﻲ ﻣﮭﻧﺔ اﻷﻧﺑﯾﺎء واﻷﺟر واﻟﺟزاء ﻓﻲ ﯾوم اﻟدﯾن ﺣﯾث اﻟﻣوازﯾن دﻗﯾﻘﺔ واﻟﻘﺎﺿﻲ ﻻ ﯾﺣﺗﺎج ﻟﺑﯾﻧﺔ أو ﺷﮭود.

ﻛﺎن اﻟﻣﻌﻠﻣون ﺑﻼ أﻣل وﻻ ھﻣﺔ ﯾﻘﯾدھم اﻟﺧوف ﻣﻌﺗﺎدﯾن ﻋﻠﻰ اﻟطﺄطﺄة واﻟرﺿﻰ ﺑﺎﻟواﻗﻊ اﻟﻣﻐﻠوط، ﺑل ﻛﺎن ﺑﻌﺿﮭم ﻟطول اﻟﻣﻛث ﻓﻲ اﻟظﻠﻣﺔ ﯾﺗﻛﻠم ﺑﻼ روح وﯾﺛﺑط وﯾﻌﯾق وﯾﺿﻊ اﻟﻌﺻﻲ ﻓﻲ دواﻟﯾب اﻷﺣرار ﻟطول اﻷﻣد واﻟرﺿﻰ ﺑﺎﻟدون واﻻﻋﺗﯾﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺳواد.

ﺛم ﺟﺎء ﺣراك اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب ﺣﯾث وﻗﻔوا وﻗﻔﺔ ﻋز وﺑطوﻟﺔ وﺻﻣﻣوا ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻐﯾﯾر، وﺗﺑﻌﮭم اﻟﻣﻌﻠﻣون ﻓﻲ اﻟوﺳط واﻟﺷﻣﺎل، وﺗﻛﺎﺗف اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺣﺗﻰ ﻻﻧت اﻟﺣﻛوﻣﺔ وأﻗرت ﻋﻼوة اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن، ﺛم ﺗم ﺗﻛوﯾن اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ﺑﻌد اﻧﺗﺧﺎﺑﺎت ﻧﻣوذﺟﯾﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ أﻓرزت ﻧﺧﺑﺔ ﻓﺎﺿﻠﺔ ﻣن اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن أﺧذوا ﯾﻌﻣﻠون ﻓﻲ أرض ﺑﻛر ﺟدﯾدة ﻻ ﺑﻧﺎء ﻓﯾﮭﺎ، واﻧطﻠﻘوا ﯾؤﺳﺳون وﯾﺿﻌون اﻟﻣداﻣﯾك اﻷوﻟﻰ وﯾﻔﺗﺣون اﻟﻣﻘرات وﯾﺷﻛﻠون اﻟﻠﺟﺎن وﯾﻧﺎﻗﺷون ﻗﺎﻧون اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟذي طﺑﺧﺗﮫ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺟل وﻗﯾدﺗﮫ ﺑﻘﯾود ﻛﺛﯾرة.

وأﺧذت اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ﺗﺳﻌﻰ ﻓﻲ ﺗﺣﺳﯾن واﻗﻊ اﻟﻣﮭﻧﺔ وﺗﺑذل ﺟﮭودا ﻛﺑﯾرة ﻟﺗﺣﺻل ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺗﺳﺑﺎت ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن وﻧﺟﺣت ﻓﻲ ﺟواﻧب ﻋدﯾدة، وﺑﻘﯾت واﻗﻔﺔ ﺻﺎﻣدة ﺗﺗﺑﻧﻰ ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن وﺗداﻓﻊ ﻋﻧﮭم ﻓﻲ وﺟﮫ ﺣﻛوﻣﺎت ﻗﺎﻣت ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻣرﺻﺎد، وﻟم ﺗﺗﻌﺎون أو ﺗﺗﺟﺎوب ﻣﻊ اﻟﻣﺟﻠس ﻛﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﺗﺣﺳﯾن واﻗﻊ اﻟﻣﮭﻧﺔ وﺳوﯾﺔ اﻟﺗﻌﻠﯾم، وﻛﺄن ھذه اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ طﺎرﺋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﮭﻧﺔ وﻗﺎدﻣﺔ ﻣن ﻛوﻛب آﺧر.

ﻓﻲ ﺧﻼل ﻣﺳﯾرة اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ﻟﻔت ﻧظري ﻗطﺎع ﻣن اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن وﻗﻔوا ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻧب اﻵﺧر ﯾﺷﻛﻛون ﻓﻲ اﻟﻣﺳﯾرة وﯾﺣﺎوﻟون اﻟﺗﻌطﯾل وﯾﺗﮭﻣون اﻟﻘﺎﺋﻣﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ظﻠﻣﺎ ﺑﻼ أدﻟﺔ ﺣﻘﯾﻘﯾﺔ، وﻣﺎ أﺳﮭل اﻻﺗﮭﺎم وﻣﺎ أﺻﻌب اﻹﺛﺑﺎت، وﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﮭم ﻣﻊ اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﻐﺿﺔ اﻟﺟدﯾدة ﻋﺎﻣﻠوھﺎ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﻌدو وراﺣوا ﯾﺑﺣﺛون ﻋن اﻷﺧطﺎء، ﺑدل اﻟﻣﻌﺎﺿدة واﻟﻣﻧﺎﺻرة واﻟﺗﻌﺎون وﺗﻘدﯾم اﻟﻧﺻﺢ.

وﻓﻲ ﻣﺳﯾرة اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ اﺳﺗﻐرﺑت ﻣن طرح ﺑﻌض اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن واﻟﻛﺗﺎب ﻟﻣﻼﺣظﺎت ﻏرﯾﺑﺔ ﻣن ﻣﺛل ﻟﻣﺎذا ﯾﺳﯾطر اﺗﺟﺎه ﻣﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻠس اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ؟ وھل ھؤﻻء ﺳﯾطروا ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌﺻﻲ واﻟﺣﺟﺎرة أم ھﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ؟ أم ﺗرﯾدوﻧﮭﺎ ﺗﻌﯾﯾﻧﺎ ﯾﺻل إﻟﯾﮫ اﻟﻣﺣﺎﺳﯾب وأھل اﻟﺟﺎه واﻟواﺳطﺎت. وﯾطرح اﻟﺑﻌض ﻣﻼﺣظﺔ أﺧرى ﻣن ﻣﺛل ھذه ﻧﻘﺎﺑﺔ ﻣﮭﻧﯾﺔ ﻓﻠﻣﺎذا ﺗطرح رأﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣواﻗف اﻟﺗﻲ ﺗﮭم اﻟوطن واﻟﻣواطن واﻟﻌﺎﻟم اﻟﻌرﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ؟ وھؤﻻء إن أﺣﺳﻧﺎ اﻟظن ﺑﮭم ﯾﺟﮭﻠون ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣدﻧﻲ ﻛﺎﻟﻧﻘﺎﺑﺎت ودورھﺎ اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﺣﻛوﻣﺎت وﻣﺳﯾرة اﻟوطن واﻟذي ﯾﻔوق ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن دور اﻟﺻﺣﺎﻓﺔ ﺑل ﺣﺗﻰ اﻟﺑرﻟﻣﺎن؛ ﻷن ﻣﺟﻠس اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ﻣﻔروز ﺑدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻧﺗﺧﺎﺑﺎت ﻻ ﺷﯾﺔ ﻓﯾﮭﺎ. وھؤﻻء أﯾﺿﺎ ﻻ ﯾﺗﺎﺑﻌون ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻧﻘﺎﺑﺎت اﻷﺧرى ودورھﺎ اﻟﻔﺎﻋل ﻓﻲ ﻣﺳﯾرة اﻟوطن وأﺣداث اﻷﻣﺔ.

اﻟﻣﻌﻠﻣون ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان ﻣﺣﺑطون وﯾﺷﻌرون ﺑﺄن ھﻧﺎك ﻣطﺎﻟب ﻋﺎدﻟﺔ ﻟم ﺗﺗﺟﺎوب ﻣﻌﮭﺎ اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺣﺗﻰ اﻵن رﻏم ﺗﺑﻧﻲ وطرح اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ﻟﮭﺎ، ﻛﺎﺣﺗﺳﺎب ﺧدﻣﺔ اﻟﻌﻠم ﻛﺧدﻣﺔ ﻓﻌﻠﯾﺔ وﻋﻼوة اﻟطﺑﺷورة وﺗﻌﻣﯾم اﻟﺗرﻓﯾﻊ ﻟﻠﺧﺎﺻﺔ ﺑﺧﻣس ﺳﻧوات دون ﻗﯾود وﺗﺣﺳﯾن اﻟراﺗب اﻟﺗﻘﺎﻋدي ﻟﻠﻣﻌﻠم، واﻟذي ﯾﻧزل ﻧزوﻻ ﻛﺑﯾرا ﻋن اﻟراﺗب أﺛﻧﺎء اﻟﺧدﻣﺔ وﻋطﻠﺔ أﺳﺑوﻋﯾن أﺛﻧﺎء اﻟدوام دون ﺗﺑرﯾر ﻣن أﺟل اﻟطوارئ وﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣﻌﻠم وإﻋﺎدة اﻟﮭﯾﺑﺔ إﻟﯾﮫ وﻏﯾرھﺎ. ﺑل طرﺣت اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻣؤﺧرا ﻗﺎﻧون ﺧدﻣﺔ ﻣدﻧﻲ ﺗم ﺗﻔﺻﯾﻠﮫ ﺑﺎﻟﻣﺳطرة وﻛﺄﻧﮫ ﻗﺎدم (ﻟﺗرﺑﯾط) اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن.

ھﻧﺎك أﺧطﺎء ﻓﻲ ﻣﺳﯾرة اﻟﻧﻘﺎﺑﺔ ﻛﺄي ﻣﺳﯾرة ﺑﺷرﯾﺔ وﻣن ﻻ ﯾﻌﻣل ﻻ ﯾﺧطﺊ، وھﻧﺎك ﻣﻼﺣظﺎت ﯾﻌرﻓﮭﺎ اﻟﻣﻌﻠﻣون اﻟﻣﺗﺎﺑﻌون، وﯾﻣﻛن ﺗﻼﻓﯾﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﺳﯾرة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻟﻠﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﻧﺷﮭد وﻻدﺗﮭﺎ ﻓﻲ 25 آذار واﻟﺗﻲ ﻧرﺟو ﻣن ﷲ أن ﺗﻛون ﻋﻧد ﺣﺳن ظن اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن ﻛﻔﺎءة واﻗﺗدارا وﺻﻣودا ﻟﺗﺗﺎﺑﻊ اﻟﻣﺳﯾرة وﺗﺣّﺳن واﻗﻊ اﻟﻣﮭﻧﺔ وﺗداﻓﻊ ﻋن اﻟﻣﻌﻠﻣﯾن وﺗﺣّﺻل ﺣﻘوﻗﮭم.