استقالة الخطيب وأسئلة إدارة القرار الاستثماري

أخبار البلد - حسن احمد الشوبكي

بانتظار نتائج تحقيق اللجنة القانونية لمجلس النواب في موضوع التباين في سعر الأرض لمشروع استثماري على شاطئ البحر الميت، والضغوط التي مورست على رئيس مجلس مفوضي هيئة المناطق التنموية والحرة مها الخطيب، فاستقالت على إثرها، فإن هذا الملف، بتفاصيله التي جاءت في الاستقالة والإعلام وتحت قبة البرلمان، يفتح الباب على أسئلة عديدة، ترصد جانبا من طريقة إدارة الشأن الاستثماري والاقتصادي في البلاد.
يتصدر الأسئلة ذاك المتعلق بجدوى تشكيل اللجان، لاسيما المتعلقة ببيع أراضي الخزينة لغايات استثمارية. ففي رواية الخطيب أن ثمة لجنة مؤلفة من شركة تطوير البحر الميت، وهيئة المناطق التنموية والحرة، ودائرة الأراضي والمساحة، يضاف إليها خبراء في تخمين الأراضي. لكن الكتب الواردة من رئيس الوزراء تخطت هذه اللجنة؛ فطلبت مرة من الخطيب التفاوض مع المستثمر وتقسيط قيمة الأرض عليه، فيما طلبت في مرة أخرى إعطاء المستثمر حقه من دون مماطلة، وسط حديث فضفاض عن مخاطر إعاقة الاستثمارات والوقوف في وجهها. والخطير هنا أن اللجنة المكلفة قانونا بتحديد سعر الأرض لم تفعل ذلك، واستعيض عنها بإجراءات لا تحمل أي غطاء قانوني.
من ناحية أخرى، فإن تعدد الأسماء والمناصب في ملف هذا الاستثمار، يثير سؤال المنصب والمصلحة بقوة. إذ تتشابك المصلحة الاقتصادية بمستواها الوطني، مع مصالح شخصية وذاتية. وهو الأمر الذي عانى منه الأردن كثيرا في العقود الماضية.
قبيل إعلان نتائج تحقيق اللجنة القانونية، رشحت مناكفات في الإعلام واستقطابات سياسية، تركزت في مجملها على منح هذا الطرف وسام النزاهة على حساب الآخر، وبالعكس. والحقيقة أن الرأي العام ليس معنيا بهذا؛ فالقصة كبيرة في تقديري، يجب أن يحاسب من تورط فيها، فلا مكان للقول إن الأمور جرت كيفما اتفق، وأن لا خسارات مسجلة. ورغم تماسك روايتي الخطيب والحكومة، فإن أسئلة الضغوط وتسعير الأرض على نحو غير قانوني، ومثلها تشابك المصالح والأسماء الواردة في هذا الاستثمار، تشير إلى أن شروط النزاهة بحاجة إلى اختبار حقيقي. وقد تتعدد الاستقالات بعد استقالة الخطيب، إذا ما أظهرت نتائج التحقيق مفاجآت في الأيام المقبلة.
بقيت ملاحظة أخيرة، وتتعلق بالطريقة التي تدار بها النقاشات في جلسات مجلس الوزراء. فإذا ثبت صحة ما قالته الخطيب لـ"الغد"، الأسبوع الماضي، بأن المؤيدين لقرار بيع الأرض هم من سمح لهم بالحديث، فيما تم تجاهل الرافضين للقرار، يكون ذلك مستوجبا التوقف والتمحيص. ومثله أيضا الكتب التي صدرت عن رئاسة الوزراء، واتسمت بكونها غير قانونية وغير عادية، وفيها عبارات آمرة، كما أوردت الخطيب التي استقالت بعد ثلاثين عاما من العمل في الشأن العام، تقلدت خلالها مناصب عديدة.