بائع الخضار
تناولت الدراما العربيّة حديثي النعمة بالنقد اللاذع في شخص بائع الخضار الذي جمع ثروته من جيوب عامة الناس . فهو يبيع الفقراء ومتوسطي الحال والأغنياء . حينما تتضخم ثروته يفكر بمشاريع تجارية أخرى ... في السينما كان بائع الخضار معجبا بإحدى الممثلات أيام كانت تجارته عدة سحاحير وميزان على ناصية الشارع ... سمع من أحد مستهلكي بضاعته العاملين بالفن أن كل الفنانين من الكاتب إلى المخرج والممثلين والممثلات يعملون لدى المنتج ... عندما اقتربت ثروته من الأرنب ( مليون ) قرر أن ينتج للسينما والتلفزيون ... وقع في حبائل تجار المهنة الذين تساهلوا مع جهله للمهنة لدرجة تغيير حوار الممثلة التي أحبها من طرف واحد أمام الكاميرا لحظة التصوير . أبدى ملاحظة غيورة فاستبدلت الجملة من ... أحبك وأموت فيك ... إلى، أنت رجل تملأ العين ... سقط العمل تسويقيَّا بعد أن طار الأرنب فعاد الرجل إلى السحاحير إياها ينعى الخسارة ويلعن الفن . مسرحا وسينما و”تلفزيون” .
هذا ملخص لفيلم سينمائي من خيال كاتب السيناريو وإبداع مخرج وممثلين ... في الواقع سخرت الجزائر ( بلد المليون شهيد ) من التهافت على منصب رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس عبد العزيز بو تفليقة ومرضه الذي يتعافى منه ... دخل حلة السباق للقصر الرئاسي 85 مرشحاً من بينهم 18 رئيس حزب سياسي ... البقية ... مقاول بناء وتاجر أثاث رأى حلماً منذ سنوات انه سيصبح رئيساً للجمهورية ... سائق سيارة إسعاف يتحدى بالفوز على بوتفليقة إذا أجريت الانتخابات بشفافيّة ... ثالثة الأثافي الذي أغضب الجزائريين وأثار سخريتهم ... بائع خضار في حي شعبي بالعاصمة لم يسمع باسمه أحد سوى زبائنه وجيرانه فكيف بالملايين من سكان 15 ولاية جزائرية يبحثون عن رئيس يفك أزمة البطالة المتفشية في البلاد كحالها في بلدان العالم النامي ؟؟؟ ... تواصلت السخرية المرّة من المرشحين على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف الورقيّة باللغتين العربيّة والفرنسيّة ... بائع خضار ؟ !!! ... سائق سيارة إسعاف ؟!!! ... هاتوا لنا خالد نزار من معتكفه ... ثارت عاصفة من الاستنكار لذكر الجنرال قائد الجيش الجزائري الذي ألغى انتخابات البلديات عام 1988 عندما فاز بها الإسلاميون ... خسرت الجزائر من تداعيات حركته 300 ألف قتيل و 25 ألف مفقود . وأنتجت حركات إرهابية أكثر مما أنتجت أفغانستان والعراق وسوريا ... ثم عاد الجزائريون للسخرية من المرشحين لرئاسة جمهوريتهم ...
عندنا في الأردن نتصبّح ونتمسّى ببائع الخضار في متجره وفي البسطات التي ملأت أرصفة الطرق السريعة ... بعضهم شباب جامعيين رموا ثقافة العيب خلف ظهورهم وأمسكوا بالسحاحير والميزان ... يتندّر الأردنيون على بعض سياراتهم ويقولون ... هذي قطعها متوافرة ... حتى بسوق الخضرة موجود منها .