دقّ المهباش يا سويــــــــــلم ...

ما من شك ان المجتمعات الحيّة سواء البشرية منها او غير البشرية تمتلك من الادوات ما يمكنها ان تستشعر ما يحيق بها من اخطار وكذلك ما يمكنها من ارسال اشارات تحذيرية لافراد المجتمع عن وجود خطر محدق او امرٍ جلل ... قد تلجأ بعض الطيور لاصدار اصوات معينة وقد تلجأ مجتمعات النحل لاصدار روائح معينة وحتى النمل لديه ادواته بهذا الخصوص ونحن نعلم قصة النملة التي حذرت بني جنسها ان يحطمهم جندُ نبي الله سليمان عليه السلام وهم لا يعلمون .

في المجتمع البدوي عرفنا ان اي فرد قد يصل إلى علمه امرٌ جلل او خطر محدق ولو في متصف الليل يبادر فورا بابلاغ شيخ القبيلة الذي بدوره ان قدر ان الامر جلل والخطر محدق يبادر فوراً باشعال النار و (دق المهباش ) دقات مفهومة لافراد العشيرة في غير وقتها المعتاد فيشعر الجميع ان هناك خطر ما يحدق بالمجتمع

بالامس القريب دق دولة رئيس الوزراء المحترم ناقوس الخطر فيما يتعلق بمجمل العملية التربوية والتعليمية في هذا الوطن الغالي .... وهي لعمري امرٌ جدُّ خطير قد يكون له بالغ الاثر على المجتمع الاردني بجميع فئاته وفي جميع المجالات ... الاقتصادية والسياسية والثقافية .
من يجلس على مقعد الدرس من ابناء هذا الوطن الغالي هو بمنظور الغد القريب الجندي الذي يذود عن حمى هذا الوطن والمعلم الذي يخرج اجيالا لاحقة تعد بمستقبل افضل والاب الحاني والام الرؤوم والمهندس الباني والمواطن المنتمي لتراب هذا الوطن ... هو كل ذلك بل اكثر ان تم اعداده على كرائم الصفات وطيّب العادات وجميل المعاني واصيل الاعراف والتقاليد وصحيح المعتقد ووسطية الشريعة والمنهج بحيث يغدوا حارساًعلى كل ثغرةٍ من ثغور هذا التراب الغالي ولا يؤتين من قبلهِ .

ما من شك ان معظمنا يعرف او يشعر ان ما يعانيه هذا الوطن مؤخرا من مشاكل قد تبدأ بالعنف المجتمعي داخل الجامعات والمؤسسات وفي الشوارع انما مرده بالدرجة الاولى للعملية التربوية والتعليمية ، وما يكابده هذا الوطن الغالي من مشاكل اقتصادية وسياسية وسوء تواصل ورداءة اتصال انما يبدأ علاجه من مقاعد الدرس الاولى في مدارسنا وما لا نرتضيه جميعا من فساد وسوء ادارة تبدأ محاربته هناك حيث المعلم الصادق والمربي الفاضل وما نخافه جميعا ويؤرقنا من مشاريع نسمع عنها هنا وهناك قد تهدد الوطن والهوية والمقدسات يبدأ الاستعداد والاعداد لها تحذيرا وتنويرا وتوجيها وتسليحا من المدرسة اولا ثم الجامعة .

كل التحية لمن يستحقها وكل الاحترام والتقدير لمن هو اهله عندما يدق (مهباشاً) او يشعل نبراساً فوق منارة نظيف السريرة صادق النيّة مصدوق الوعد مؤذناً في الناس بالاصلاح والصلاح ومحاربة الفساد ابتداءً من العملية التربوية والتعليمية التي هي بالفعل بحاجة لنفض الغبار عن ادواتها وازالة (الطامس ) عن مناهجها ورفد مسيرتها تطويراً لا يجانب اصالة ولا ينافي معتقداً ولا يخاطي قضيةً عادلةً ولاهدفاَ سامياً للامة .

صالح ابراهيم القلاب