سيد البلاد.. الشارع يغلي..!!


هذه رسالة أردت أن أوجهها إلى رأس الدولة بكلمات بسيطة لكنها خارجة من القلب والعقل معاً، حباً ورغبة وحرصاً على الوطن ورمزه.. مقدرات ومكتسبات ومستقبلاً، فما يدور في الشارع وصالونات الأردنيين من أحاديث وما يتداولونه من بيانات وأفكار، وتكهنات وتخرصات يدل دلالة قاطعة على حالة من عدم الاستقرار ناجمة عن شعور بالظلم والضيم في مملكة القانون والمؤسسات والهاشميين، والكثيرون يتساءلون علانية: أي معنى للعدالة في عُرف الدولة ودستورها وتشريعاتها وثمّة "سكرتيرة" لم تتجاوز الثلاثين تتقاضى من خزينة الشعب راتباً يفوق ما يتقاضاه رئيس جامعة رسمية تجاوز الستين ويحمل أعلى الدرجات العلمية والأكاديمية وقد أمضى أكثر من نصف عمره في الدراسة والبحث والتدريس..!!

ويتساءل البعض: لماذا لا يُفتح ملف الثروات..؟!! فهذا المسؤول ترك منصبه بعد بضع سنوات عن ثروة بالملايين.. ونعلم أن إجمالي الرواتب التي تقاضاها لا تكاد تكفي لبناء بيت متوسط أو شراء شقة متوسطة في إحدى ضواحي عمان الغربية..!! ويتساءل آخرون: لماذا لا يُسأل البعض عن شركاته ومصالحه وتجارته وقد أمضى عمره في الوظيفة العامة.. فكيف بنى إمبراطوريته الاقتصادية، وكيف لأولاده وأزواجه أن يجمعوا كل هذه الثروات والشركات..!! إسألوهم عن السيارات والقصور والشركات والبنايات الشاهقات وحسابات البنوك.. أنّى لهم كل هذا وكيف جمعوه وسجّلوه وامتلكوه..!!!

وإذا رفع فرد من الشعب رأسه محتجاً على ضريبة أو فاتورة ماء أو كهرباء مبالغة، مشكوك في قيمتها، نهره موظف الدولة: إدفع قبل أن تُقطع..!! ثمة يا سيدي موظفون يرفعون ضغط الشعب، ويزيدون حنقه، فيتراكم الضغط والحنق حتى يصل إلى لحظة الغضب والقلق وقد يمتد إلى الشغب والنزق..!! إنهم يزيدون الشُقّة بين الراعي والرعية.. بين مؤسسة المحبة ومؤسسة البيعة..!!

ويتساءل الشارع الأردني: إلى متى تغيير الحكومات والوزراء، ويتشكل كثير منها بالواسطات والمحسوبيات والكوتات والحمولات الزائدة، ونشاهد عمليات الفك والتركيب مع كل تشكيلة جديدة، وكلما جاءت حكومة لعنت سابقتها، وكلما جاء وزير أسقط سابقيه، وفي كل مرة نسمع الكثير الكثير عن استراتيجيات جديدة وبرامج جديدة وإصلاحات جديدة وبطولات جديدة، وأجندات جديدة ومواثيق جديدة، ولكننا لا نرى سوى الهراء والفضائح وشراء الذمم، ومخابر التجريب، والنتيجة مزيد من الفقر والفساد والبطالة والمديونية وفقدان الهوية، والاحتقان، وازدياد الشُقّة، والبطلان..!!

ويتساءل الأردنيون: ما الحل..!؟

هل نحن بحاجة إلى حكومة إصلاح حقيقية تقود مسيرة الإصلاح بكل تفاصيلها وجوانبها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتربوية والعشائرية، ومن هي هذه الحكومة وما مواصفاتها ومن هم أشخاصها..!!؟؟

قال البعض: حكومة قريبة من الشعب، قادرة على التعرف على نبضه وهمه وأسباب قهره.. ولكن هذا لا يكفي أبداً، فما تحتاجه المملكة حكومة ملكية دستورية قادرة على اتخاذ القرارات لا حكومة موظفين وإملاءات..!! حكومة تقيم العدل في البلاد، وتنشر الأمن النفسي والأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي بين الناس، وتعمل على إيقاع الحرية والعدالة الاجتماعية بحرية ونزاهة وقناعة ورغبة.. لا خشية ولا طلباً للشعبية..!!

ما ينقص موظف الدولة يا سيدي ألا يعمل بذهنية الموظف ولا بعقلية السجّان، أو بنفسية الجلاّد..!! فهذا مما يسيء أكثر مما ينفع، ومما يباعد أكثر مما يقرّب، ومما يهدم أكثر مما يعمّر..

الإصلاح الشامل أيها السيد المطاع يبدأ بالإرادة ثم بالإفصاح ثم بالمحاسبة: الأقربون والحاشية والمنافقون.. منْ أكلوا كعكة الشعب وسألوه أن يدفع ضريبة الفُرجة.. أي مهازل عرفها التاريخ أعمق من هذي المهازل.. وأي استخفاف بعقول الجماهير أكثر من هذا..!!

كم أنا حزين على أوضاع شارعنا وهو يغلي.. أخشى أن يحترق البعض أو يحترق الشجر الأخضر.. ويئن الحجرْ..!!  وكم أنا بين حرب البيانات والإدانات ودعاوى الإصلاح وادّعاء الحكومات حائر حائر حائر..!!

سيدي: دعني أساهم في تقريب الهوّة، وأطلق يدي باسمك حريةً وصلاحيات باحثاً بين شعبك عن فقير متعفف أو مكلوم متأفف، أو صاحب حاجة بلا ظهير، أو غارم انقطعت به السُبُل، أو شباب متعطّلْ.. دعني أفاوض وأحاور وأناهض، وأفتح يدي عن آخرها باسم سيدنا لنخفف أعباء الحياة عن شعب طيب محتقن..!!

سيدي يا سيد البلاد: إذا أردت أن تقيس نجاح أي من حكوماتك فاسأل دافع الضريبة: هل يدفعها راغباً أم كارهاً..!! فرحاً أم ضَجِراً..!!

سيدي: الشارع الأردني يغلي.. وننتظر أن تمتد يد رحيمة عادلة لتطفيء النار.. ويعود الناس إلى بيوتهم سعداء بالتحرير ينعمون بعدالة هاشمية تصيب كل أردني وكل أردنية..!!