منزلة الطيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح وقت الصلاة وعند ارتياد المساجد

الفقير لله بسام عبدالله العريان
حديث الجمعه .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "غسل يوم الجمعة على كل محتلم وسواك ويمس من الطيب ما قدر عليه وقال في الطيب ولو من طيب المرأة " وقوله - صلى الله عليه وسلم : ( وسواك ويمس من الطيب ) معناه : ويسن السواك ومس الطيب ، ويجوز ( يمس ) بفتح الميم وضمها . وقوله - صلى الله عليه وسلم : ( ما قدر عليه ) . قال القاضي : محتمل لتكثيره ومحتمل لتأكيده حتى يفعله بما أمكنه ، ويؤيده قوله : ( ولو من طيب المرأة ) وهو المكروه للرجال ، وهو ما ظهر لونه وخفي ريحه فأباحه للرجل هنا للضرورة لعدم غيره ، وهذا يدل على تأكيده ، والله أعلم .
يقول ابن القيم - رحمه الله - : ( وفي الطيب من الخاصية ، أن الملائكة تحبه ، والشياطين تنفر عنه ، وأحب شيء إلى الشياطين الرائحة المنتنة الكريهة ، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة ، والأرواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة ، وكل روح تميل إلى ما يناسبها ، فالخبيثات للخبيثين ، والخبيثون للخبيثات ، والطيبات للطيبين ، والطيبون للطيبات وهذا وإن كان في النساء والرجال ، فإنه يتناول الأعمال والأقوال ، والمطاعم والمشارب ، والملابس والروائح ، إما بعموم لفظه ، أو بعموم معناه ) ( الطب النبوي – ص 281 )
أخي المصلي: اعلم أن حسن المظهر وجميل الملبس, وطيب الرائحة مطالب إسلامية رغب الشارع فيها عند أداء الصلاة وعند حضور الجمع والجماعات (( يا بني لآدم خذوا زينتكم عند كل مسجد )) أيضاً أفرأيت لِما شُرع السواك عند الصلاة لأنه مطهرة للفم ومرضاة للرب.
إذاً يجدر بالمؤمن أن يصرف شيئا من زينته لله سبحانه وتعالى وذلك عند الوقوف بين يديه فيأتي إلى عبادة ربه على أحسن حال.
وقدوتنا في ذلك نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يلبس أحسن لباس ويتعطر بأزكى رائحة بل كان عبق طيبة يفوح في طريقه, وقد أخذ بهذا المبدء خير القرون من بعده فنهجوا نهجه, وسلكوا هديه, فعظموا الدين فأعلى الله شأنهم وأبقى ذكرهم فلنا مع أولئك الرجال الأفذاذ وقفات لمعرفة واقع المساجد في نفوسهم ومكانة الصلاة في قلوبهم لنقيس حالنا بحالهم, فنلتزم نهجهم ونحذر مخالفتهم.

منزلة الطيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم :
الطيب مختار من الله تعالى في كل شيء لهذا فطر الناس عليه, وجمع أطيب الأشياء لنبيه صلى الله عليه وسلم, فله من الأخلاق والأعمال أطيبها وأزكاها, ومن المطاعم أطيبها وأزكاها, ومن الروائح أطيبها وأزكاها.
لذا كان من أخلاقه التطيب, يحبه ويكثر منه بل هو إحدى محبوباته الدنيوية ففي الحديث (حُبب إلي من الدنيا, النساء والطيب, وجُعلت قُرة عيني في الصلاة) رواه أحمد وصححه الألباني.
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم طيب الرائحة فجسمه يفوح طيبا فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( ما شممت عنبرا قط ولا مسكا ولا شيئا أطيب من ريح الرسول صلى الله عليه وسلم ) رواه مسلم. بل إذا وضع يده صلى الله عليه وسلم على رأس الصبي عرف أهله أنه صلى الله عليه وسلم قد مس ابنهم لطيب رائحة الصبي, ومع هذه الرائحة العطرة, فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر ويبالغ في استعمال الطيب حتى أنك لتجد لمعان المسك في مفرق رأسه, ولربما استمر الطيب في رأسه أياماً لكثرته.
وكان يُعرف بطيب رائحته إذا أقبل أو أدبر, فمن كانت هذه صفته فهو أبعد الناس عن الرائحة الكريهة, بل إنه ترك كثيرا من المباحات كالثوم والبصل والكراث ونحوها لرائحتها الكريهة فهو طيب لا يقبل إلا الطيب.
فهذه صورة مشرقة, وأدب رفيع, وحقيقة ثابتة نسوقها إلى كل مسلم ليرتفع في سلوكه وأدبه إلى مصاف النفوس السليمة, مجانبا كل خلق قد يؤدي إلى أذية المسلمين عامة والمصلين خاصة.
وقال صلى الله عليه وسلم :(حُبب إلي من الدنيا, النساء والطيب, وجُعلت قُرة عيني في الصلاة) رواه أحمد وصححه الألباني.
"الفقير لله بسام عبدالله العريان"