أعداء الصحافة يخشون كشف تجاوزاتهم

في إطار المقاييس المتعارف عليها دولياً لتصنيف أعداء الصحافة، فإنه يمكن القول إن رئيس الوزراء السابق قد تربع في منطقة متقدمة على قائمتهم، إذ في عهده تردت أوضاع الصحافة الاسبوعية الأردنية إلى مستوى غير مسبوق، وتعثرت أغلبها في الصدور المنتظم والحفاظ على أعمالها ومهنيتها. فمنذ توليه منصب رئيس الحكومة أعلن عن شروعه بما أطلق عليه مدونة سلوك حكومية للتعامل مع الصحافة، تبين بعد صدورها أن فيها هدفا واحدا، هو وقف الاشتراكات الحكومية في الصحف، ما يعني تجفيف أهم مصدر دخل للصحافة الاسبوعية، وهو الأمر الذي حققه الرفاعي، وضرب من خلاله الصحافة الاسبوعية الأردنية برمتها في مقتل.

 

لقد قدمت الصحافة الاسبوعية الأردنية طوال عقود مضت الكثير لمهنة الصحافة، ومنها تخرج كثير من الصحافيين العاملين الآن في مواقع متقدمة ومرموقة، كما أنها أسهمت في رفع سقف الحريات الصحفية، وتميزت عن غيرها في كشف قضايا فساد في مناسبات عديدة.

 

وقد كانت نداً قوياً للحكومات المتعاقبة، إذ انتقدت أعمالها وتناولت أخطاءها، والتجاوزات المختلفة وقدمتها للعلن، وشكلت حالة رقابية كان يحسب لها ألف حساب.

 

الحكومات التي تخشى الصحافة هي التي تواجهها وتعطل أعمالها، وليس ذلك إلا دليل على استعدادها للتجاوز وممارسة المخالفات، وأنها لا تريد كشفها بالصحافة، لتظل في غيها.

 

لقد تعرضت الصحافة الاسبوعية لضربات متلاحقة من عدة حكومات سابقة، ومن أجل قمعها عدلت قوانين المطبوعات والنشر مرات عديدة. وفي محاولات أخري جرى محاصرتها بالضرائب، وفي كثير من الأحيان ملاحقة القائمين عليها، بالاستدعاء والتهديد والاعتقال.

 

الصحافة الاسبوعية الأردنية جزء من الأرشيف الوطني للدولة، ولا ينكر دورها في البناء إلا جاحد، وهي إذ تعاني الآن من قوة ضربة حكومة سمير الرفاعي لها، فإن نهوضها مجدداً يظل مسألة وطنية تستحق الالتفات الجاد والمسؤول لكي تستعيد مكانتها وتأخذ دورها المنشود.

 

لقد استمرأت حكومات عديدة سياسية التقريب والإقصاء في تعاملها مع الصحافة والصحفيين، وكان يتبين في كل مرة أن المقربين يفشلون بالترويج لأي سياسة حكومية، وأن مواقف الصحافة الناقدة والعاملين فيها في مكانة عالية من الاحترام بين الناس، وأن ما يقدمونه هو الذي يرسخ في وجدانهم.

 

لقد أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال طاهر العدوان أن الحكومة بصدد إعادة بحث مدونة السلوك المشبوهة، وكذلك عن سياسة شفافة لدعم الصحافة، والمأمول أن يتم اتخاذ خطوات سريعة بهذا الشأن تؤمن استمرار دور الصحافة الوطنية في مسيرة بناء الدولة المنشودة.