حق «البوتاس» الضائع
تستغل إسرائيل 4 ملايين طن سنويا من كعكة بوتاس البحر الميت , وبالكاد يستفيد الأردن من مليوني طن فقط ..
الحق الضائع للبوتاس وفيه ليس خصخصة الشركة بل على العكس , فقد استفادت خزينة الدولة المجتمع المحلي على نحو أفضل مما لو احتفظت فيه بملكيتها , والعائد بالورقة والقلم يعادل 100% على استثمار يعادل صفرا , الحق الضائع هو في المليوني طن لأن المال يذهب لتمويل كلف الإنتاج بدلا من تطويره.
البوتاس تصرفت كشركة عالمية مسؤولة تواجه منافسة حادة بسبب ارتفاع كلف الطاقة التي تعيق قدرتها على تطوير الإنتاج فقررت اللجوء إلى الغاز لزيادة استغلال نصيبها الضائع من الكعكة .
منذ وقت والحديث يدور عن أن البوتاس تفاوض شركة أميركية تسيطر على حقول الغاز الجديدة في البحر الأبيض المتوسط , .. أخيرا وقعت اتفاقية استيراد لمدة 15 سنة مع شركة نوبل إنرجي ، وبذلك تكون الثانية التي تعقد مثل هذا الاتفاق بعد شركة فلسطين لتوليد الطاقة .
الشركة التي تعمل على أسس تجارية , لن تستمر ما لم ترجح في حساباتها كفة الجدوى الاقتصادية فالغاز من البحر المتوسط خفض كلفة الطاقة للمنافس الإسرائيلي بنحو 100 مليون دولار ذهبت إلى تطوير الإنتاج والمنافسة بقوة في السوق العالمية وتحقيق عوائد أكبر والأهم هو إنتاج ضعف ما ينتجه الأردن .
أول نتائج الاتفاقية , وفر قدره 22 مليون دولار في السنة الأولى لبدء الإنتاج بالغاز , و331 مليون دولار لمدة 15 سنة وفق سيناريو معد على أساس توفير 14 دولار من كلفة الإنتاج للطن والبالغ حاليا 83 دولار مع استخدام الوقود الثقيل , يرتفع هذا الوفر في أفضل الحالات إلى 360 مليون دولار .
الثانية , زيادة نصيب الخزينة من عوائد أرباح و رسوم وضرائب وأجور والبالغة 60% بالقيمة المطلقة والتقديرات تشير إلى 253 مليون دينار , أما الثالثة فهي تزويد البوتاس المجتمع المحلي بالكهرباء وبسعر الكلفة ..
بالنسبة للشركات الصناعية الأخرى فوضعها لا يختلف عن ظروف البوتاس , وعليها أن تستفيد من الاتفاقية ومن البنية التحتية لتتزود بالغاز الذي سيصل عبر أنبوب إلى موقع الإنتاج ستنفق البوتاس 30 مليون دولار لإنشائه تستردها في غضون عامين .
وضع الأردن لا يختلف عن أوضاع الشركات في مواجهة كلف الطاقة.,التي يحملها للشركات ولمواطنيه ,
بديل تمكين الأردن من استيراد الغاز المسال بسعر رخيص هو خيار من بين اثنين إما الاستمرار في الاستدانة لحساب العجز , أو عكس الكلفة الحقيقية على أسعار الكهرباء بلا استثناءات.
الحكومة مسؤولة أمام مواطنيها عن الإخفاق في إيجاد البدائل إن بقيت تعلق أمالها بانتظار عودة ضخ غاز من مصر التي تفاوض لجلبه من البحر المتوسط أو غاز من قطر وغيرها بكلف نقل مرتفعة يضيع معها الوفر المرتجى .
الغاز موجود في البحر الأبيض المتوسط على بعد 30 ميلا , فما الحكمة من جلبه بالبواخر من مصادر تبعد آلاف الأميال , ولماذا يفضل البعض استمرار المعاناة بحجج لا تسمن ولا تغني من جوع مثل أنه سيجلب منفعة لإسرائيل , بالتأكيد في كل الخيارات تغيب المعايير الاقتصادية ومصلحة الاقتصاد المخنوق كذلك.
باعتبار الأردن دولة متوسطية فله حق الاستفادة من ثروات البحر الأبيض وخطوة الحكومة في هذا الاتجاه واجبة واستيراد الغاز منه يصب في هذا الاتجاه , لرفع العبء عن كاهل مواطنيها.