لماذا تمنعونهم من العودة للاردن؟!
بدأت الجهات الرسمية بفرض معايير جديدة،على المقاتلين العائدين من سورية،وبين يدي معلومات حول حالتين،تم منعهما من العودة الى الاردن،البارحة،برغم اصابة احدهما بجروح بالغة،وبرغم حملهما لجوازات سفر اردنية.
المعايير الجديدة،يراد منها اثارة خوف المقاتلين السلفيين الذين لم يذهبوا بعد الى سورية،بحيث يتم افهامهم مسبقاً وبهذه الطريقة ان الذي يذهب الى سورية،لن يتم السماح له بالعودة،وهذا سيؤدي عمليا،الى خفض اعداد المتسللين للقتال في سورية.
الهدف الثاني وهو واضح كالشمس،اي التخلص من المقاتلين السلفيين الاردنيين،وعدم السماح لهم بالعودة كمشكلة امنية الى الاردن،بعد ان اكتسبوا خبرات عسكرية وقتالية،ويراد للساحة السورية ان تتحول الى مدفن جماعي بهذه الطريقة.
غير اننا نتحفظ هنا بشدة،على امرين وبشكل متوازن،اولهما تدخلهم في القتال في سورية،وثانيهما،عدم السماح لهم بالعودة الى بلدهم،فالتدخل من جهة مذموم لاعتبارات ليس اقلها عدم حاجة السوريين الى مقاتلين عرب واجانب،فيما هذا التدخل لايعني معاقبتهم بتركهم اسارى في سورية،فهذا قرار بالاعدام،يتم اتخاذه بشكل غير معلن،وغير جائز قانونيا ودستوريا.
احدهم من معان،ومن عائلاتها المعروفة،ويدعى (ج.خ) حاول العودة البارحة الى الاردن،ووصل الى الحدود البرية،وتم منعه من الدخول الى بلده،برغم ان والدته مريضة وتعاني صحياً،الا ان الاتصالات لم تفلح في السماح له بالدخول،وبرغم تدخل قيادات اجتماعية وسلفية من اجل ادخاله،الا انه حتى ساعة- كتابة هذا المقال- تم منعه من العودة الى بلده،ومازال في منطقة «عمراوة».
ثانيهما شاب من عمان،ويدعى(ب.ع)اصيب بإصابات بالغة في القدمين،في منطقة تل شهاب،وتم منعه من العودة ايضا،وفقاً لاخر المعلومات،وهو مثل سابقه ذهب للقتال في سورية،لكنه لايقدر على العودة.
المفارقة اننا نستقبل جرحى سوريين،ولانستقبل هنا جرحى اردنيين،وعودة هؤلاء حق دستوري لهم،حتى لو ادت الى محاكمتهم بتهمة القتال في الخارج،فالعودة ليست منة ولا كرما هنا،ولا يجوز ان تخضع للتسييس.
في تقديرات الامنيين،ان المنع من العودة،كفيل بخفض موجات التسلل،من جهة،وكفيل برد اخطار هؤلاء عن الداخل الاردني،واذا كانت هذه التقديرات مفهومة الدوافع الا انها تصطدم مع الدستور والقانون،فبأي حق يتم منع اردني من العودة الى بلده،حتى لو مطلوبا لألف جهة وعلى الف قضية؟!.
هذه معالجة للخطأ،بخطأ آخر،والاصل وقف موجات التسلل،وقد انخفضت جداً عبر حدودنا البرية مع سورية،لكن المقاتلين يجدون بدائل اقلها،السفر الى تركيا،والتسلل من هناك الى شمال سورية،وهذا يفسر ان اكثر من الفي مقاتل اردني يتوزعون اليوم بالتساوي تقريبا بين درعا وجنوب سورية،من جهة،وشمال سورية من جهة اخرى.
قيل مرارا وبصوت مرتفع اننا ضد التدخل في سورية،وضد الذهاب للقتال،فالشعب السوري،ليس بحاجة احد،ولربما يتوجب التدقيق على الذين يسافرون الى تركيا،والى العراق ايضا،لان بعضهم يتسلل من غرب العراق.
اذا اجرينا مقارنة بين الفعل والحق الدستوري،سوف نكتشف ان الزرقاوي مثلا وبعد تفجيرات عمان،لم يتم تعطيل مواطنته،او سحب رقمه الوطني،هذا على الرغم من الاتهامات التي سيقت بحقه،ثم الاجراءات اللاحقة،وكل المشهد لم يؤد الى نزع المواطنة او تعطيلها فهذا مبدأ مستجد وغريب علينا.
معنى الكلام،ان علينا وقف التسلل،وان علينا مساعدة المقاتلين للعودة الى البلد،والتخلي عن فكرة اعدامهم البطيء في الساحة السورية،واذا كان تسللهم مخالفا للقانون،فلتذهب الدولة وتحاكمهم،او تقدم لهم عفوا جماعيا مقابل السكون والتقاعد المبكر.
مبدأ تعطيل المواطنة المؤقت،اسوأ بكثير من مبدأ التورط في حروب الاخرين،وهذا اقتراح لاصدار بيان رسمي عام يتم عبره الطلب من كل المقاتلين الاردنيين العودة ضمن مهلة محددة،وبحيث يتم طي هذا الملف ضمن شروط،بالاضافة الى حل مشكلة الشخصين،اللذين تم التطرق لهما.
من حقهم القانوني ان يعودوا،ومن حقنا ان نسألهم لماذا ذهبتم ايضا؟!.