تكريم العسكريين و تهميش المعلمين
تكريم العسكريين وتهميش المعلمين
كما تعلمنا في الصغر على ايدي معلمينا الاجلاء فإن كل وطن يتكون من ثلاثة مكونات رئيسية, الارض التي هي البنية التحتية التي يقوم عليها الوطن وأساسه ومن الصعب تغيير جغرافيا الوطن الا اذا كانت هناك ظروف سياسية معينة تجبر الدولة على التخلي عن اساسها كما حدث في السودان الشقيق او ظروف اقتصادية تجعل من الانحدار والهوة الاقتصادية ذريعة للتنازل عن اراضي الدولة لصالح جهات معينة حتى ولو كانت بثمن بخيس.
الدولة وهي العنصر الثاني في مركب الوطن وهي رأس الوطن ومحركه فإما ان ترتقي به الى الاعلى او تدنو به الى هوامش الاوطان, واخيرا الشعب وهو المحرك الديناميكي لكل وطن فبدون الشعب لن يكون هناك دولة او وطن, فبنوعية الشعب تظهر المعالم الرئيسية لمفهوم الوطن ولكن وبمعظم الاحيان وجود ظروف معينة تصنع من الشعب مادة مرنة قابلة للتغيير والتبديل للأفضل او الاسوأ حسب طبيعة ذلك الظرف.
ولكل فرد في هذا الشعب دور مهم يقوم به ويحاول اتقانه للرقي بنفسه وبالتالي الرقي بالوطن اجمع, فالمهندس والطبيب والمحامي له دور في المجتمع,والنجار والحداد وعامل النظافة له دور ايضا, والوزير والنائب والعين له دور ايضا , وقوات الامن والجيش لها دور ايضا, وكل هذه الادوار متممة ومكملة لبعضها البعض لتكوين نسيج الوطن.
ولكن اساس هذه الادوار كلها هو دور المعلم, فالمعلم هو الذي يصنع هذه الادوار جميعا ولولا وجوده لما كان هناك وجود للأوطان جميعا بالمعنى الحقيقي.
وإني لأستغرب هذا التهميش الواضح لشخص المعلم,فالمعلم في الماضي كان رمزا من رموز الوطن وجزءا من هيكل بنائه السياسي والاقتصادي والاجتماعي كالوزير والحاكم,فكلامه مسموع وتصرفاته كحد السيف لا جدال عن العودة عن قراره.
فكان حينها يبرز دور المعلم بالتربية قبل التعليم اما الآن فيقتصر دوره على نوع بسيط من انواع التعليم وهو التعليم المرئي او المواجه, فالويل الويل للمعلم اذا تطرق الى اي نوع من انواع التربية فإن بها شتم وتحقير فيظن الاهالي ان تربيتهم لأبنائهم بمنحهم كافة كماليات الرفاهية واستقدامهم للمربية الاجنبية لأجلهم أجل وارقى بكثير من توبيخ معلميهم لهم, وإن قام المعلم بضرب تلميذه فسرادب المحاكم والسجون المآل الوحيد الذي ينتظره. وقد تعمدت الحكومة بإقصاء دور التربية عن الاطفال وتخصيصه للكبار عن طريق وزارات متعدده كالداخلية والماليه والعدل.
فإذا قام المعلم بدوره الذي يمليه عليه ضميره بكل حرفية واتقان فلا نجد له حامدا أو شكورا ويقتصر القول بأن هذا واجبه في حين يتم تكريم وترفيع رجل الامن اذا قام بتسجيل اكبر عدد من مخالفات السير على المواطنين فبذلك قام بدوره بالتربية على اكمل وجه.
وإذا سهى معلم عن القوانين والانظمة التي تقننه وتطرق الى التربية فيتم توبيخه ومحاكمته والتشهير به في كل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة ويصبح من المناهضين لحقوق الانسان فهو لم يقم بشيء يذكر مقارنة عما كان يقوم به بالماضي حيث كان الاهالي حينها من الداعمين المشجعين له "اللحم الك والعظم النا" وفي المقابل يتم التعتيم والتكتيم على حالات كثيرة من نفر من ابناء الامن العام عندما يقومون بالاعتداء على المواطنين بالضرب المبرح والمفضي احيانا الى الموت والذم والتحقير بذريعة اعتيادية وهي انهم ثلة خارجة على القانون حتى وان كان الخارج على القانون هذا هو فرد ايضا من افراد الامن.
واصبح من المستحيل علينا كمواطنين التحدث الى اي فرد من افراد الامن العام في اي واقعة كانت واذا تطور الحديث الى ارتفاع قليل في نبرة الصوت فسترحب بك محكمة امن الدولة بجرم مقاومة رجال الامن, فيقابله طالب بالمرحلة الاساسية بشتم وضرب مدير مدرسته دون حسيب او رقيب بحجة انه طفل جاهل.
مطالب المعلمين بإنشاء نقابة لهم كسائر النقابات المهنية والعمالية وعلى نفقتهم الخاصة من الامور المستعصية والتي تنبغي دراسة معمقة وحثيثة وعلى مدى حكومات متعاقبة ولكن انشاء مديرية للشرطة وبتكلفة تقدر بملايين الدنانير على خزينة الدولة من الامور اليسيرة والمرحب بها من قِبل الحكومة.
ادام الله في عمر سيدنا ومليكنا المفدى الذي قام بتكريم المعلمين ومنحهم جوائز ومبادرات التميز واعطائهم الحقوق التي نصبو اليها كمواطنين.
المهندس عمر مازن النمري
mr_nimry@hotmail.com