نهب بلا سؤال أو جواب!
هناك فوضى عارمة على الصعيد الاقتصادي، وكلما رفعت الحكومة سعر شيء ما، تطوعت كل القطاعات لرفع أسعارها، دون أية حسبة اقتصادية دقيقة سوى رفع الاسعار، وهكذا اصبحت الحياة هنا مستحيلة، وصعبة جدا على كل الناس، بلا استثناء.
نهب بلا سؤال أو جواب، وفاتورة الكهرباء إذا تم رفع قيمتها يتم مقابلها رفع آلاف السلع والمنتجات، والكل يتذرع بفاتورة الكهرباء مثلا، المُنتج والمُوزّع والمورّد والمصدّر.
اذا تم رفع سعر الوقود، ترى الارتداد بطريقة جنونية تتجاوز حتى كلفة الرفع، في نقل الخضار والفواكه، وفي عرض المحل التجاري لسلعته، وفي ارتداد ذلك على بقية القطاعات التي تئن من الغلاء في قطاعات اخرى، فتُضطرّ ان تُعوض في قطاعاتها.
لو جئنا الى راتب الاردني وافترضنا ان زوجته تعمل ايضا، فإن كل دخلهما لايكفي لإيجار البيت هذه الايام والوقود وقسط السيارة والمواصلات والهواتف الخلوية، ولا يتبقى إلا مال قليل جدا، لا يأتيهم بطعام ولا لباس، ولا تعليم.
لا يتركنا احد في حالنا، فالكل يخلع في الكل، وكل يوم نصحو على مفآجأة، وآخرها نية جامعات حكومية رفع رسوم الموازي بقيمة اربعين بالمئة، وهكذا يصبح التعليم مستحيلا، وسنجد بعد قليل مئات العائلات تتوقف عن تعليم ابنائها، او تستدين عشرين ألفا أو اكثر لتغطية رسوم الجامعة ومصروف الطالب، من اجل وظيفة بمائتي دينار، بعد التخرج إذا وجدها اساسا، في ظل تحول البلد لمقر دائم لجامعة الدول العربية، وهكذا يهل علينا تجهيل من نوع جديد فوق التجهيل الذي فينا.
لا توجد دولة في الدنيا تترك الناس يأكل بعضهم بعضا بهذه الطريقة البشعة، وبذريعة المنافسة يتم ترك الناس ضحايا لغيرهم، وهذه ليست منافسة ولا تجارة.
هذه جرائم حرب، لأن استرداد كلفة أي رفع للاسعار، يجري بطريقة جنونية، وغير محسوبة، والجميع يريد استرداد ما يعتقد انه يدفعه، والمحصلة ازدياد غير عادل ابدا في الكلف النهائية، وتغيّر جذري على مستويات الحياة، ونزوع للغضب والجريمة والفساد، فوق الفقر والبطالة، وحالة هبوط الروح المعنوية والخوف من المستقبل.
هناك تغيرات خطيرة تجري على البنى الاجتماعية، والمصيبة أننا لا نجد من يؤشر عليها، والسياسات الاقتصادية على خطورتها، لم تقل للناس، أن يردّوا عليها بهذه الطريقة الغريبة، والذي بات يدفع عشرين دينارا اضافية على فاتورة محله التجاري رفع اسعاره بطريقة ستجعله يسترد العشرين، عشرة اضعاف، والوباء انتقل الى الجميع، والنتيجة ركود شديد، وانجماد اقتصادي، وانهيار اجتماعي.
هذا خراب، لا يمكن القبول به، ولا بتبريراته، والحل سهل، فلا بد من وقف هذه السياسات اولا، ثم ايجاد هيئة للرقابة في البلد، لضبط مستويات الحياة، بدلا من هذا الفلتان الذي يهدد استقرار البلد، ولحظتها لن ينفع الندم.