قمة الملك-أوباما في صحراء كاليفورنيا
للمرة الثانية في أقل من عام يستقبل الرئيس اوباما زعيما دوليا، هو الملك عبد الله الثاني، في منتجع «صانيلاندز» في صحراء «رانشو ميراج» في ولاية كاليفورنيا وذلك يوم الجمعة القادم 14 فبراير.
وكانت المرة الأولى التي استخدم فيها الرئيس الأميركي هذا المنتجع النائي عندما استقبل الرئيس الصيني في صيف العام الماضي. وصفت الصحافة الأميركية اللقاءات السياسية التي تعقد في المنتجع بأنها ودية وبعيدة عن الرسميات بحيث تتيح للزعماء عقد لقاءات في منأى عن أعين الصحافة وفي أجواء منفتحة وصريحة. ويرى مراقبون أن اختيار أوباما لهذا المكان للقاء الملك عبد الله يدل على عمق العلاقة التي تجمع بين الزعيمين من جهة وعلى أهمية المحادثات وتوقيتها من جهة أخرى.
اعتاد الملك عبد الله أن يزور واشنطن في شتاء كل عام للقاء سيد البيت الأبيض والاجتماع بأعضاء مؤثرين في الكونغرس و قيادات سياسية واقتصادية. لكن توقيت هذا الزيارة يأتي في وقت شديد الحساسية بالنسبة للزعيمين. وقد تكون هذه القمة هي الأهم بين أوباما والملك في السنوات الأخيرة. فالحديث لن يتطرق فقط الى العلاقات الثنائية على أهميتها، بل الى الوضع السوري وتداعياته الاقليمية والدولية ورؤية الملك بالنسبة لآفاق الحل السياسي بعد انعقاد مؤتمر جنيف مؤخرا، والى مقترحات كيري للوصول الى اتفاق اطار يمهد لتسوية نهائية بين اسرائيل والفلسطينيين وانعكاسات ذلك على الاردن.
بالنسبة للموضوع السوري فإن الاردن يدعم جهود الحل السلمي بما يحفظ وحدة سوريا ويحقق للشعب السوري طموحاته المشروعة. إلا أن الأردن، بوصفه جارا لسوريا، يتعامل ايضا مع تداعيات الأزمة المباشرة من حيث احتضانه لنحو مليون لاجئ سوري، ما ينعكس على اقتصاده وموارده المحدودة، اضافة الى اتخاذه اجراءات احترازية لمنع انسكاب الصراع عبر حدوده وتهديده الأمن القومي الأردني. سيكون الملك واضحا في عرضه لاحتمالات تفاقم الأزمة في حال فشل الحل السياسي، ودور المجتمع الدولي بدرء انهيار الوضع الانساني هناك بشكل يهدد أمن واستقرار المنطقة. اضافة الى ذلك فإن للاردن موقفه من انتشار الارهاب والمجموعات الجهادية المسلحة ودور البعض في اذكاء نار الصراع المذهبي في المنطقة.
لكن الأهم بالنسبة للاردن حاليا هو التعامل مع اقتراحات الوزير جون كيري بما يتقاطع مع مصالح الاردن العليا الممتدة عبر عدة ملفات كاللاجئين والحدود والتواجد العسكري في غور الاردن والدور الهاشمي في القدس وقضية الاعتراف بيهودية الدولة والمستوطنات وانعكاس كل ذلك على الوضع الداخلي الاردني في ظل رفض شعبي لما يوصف بأنه محاولة اميركية لتصفية القضية الفلسطينية.
الاردن له حساباته الخاصة ويعلم انه سيتعامل مع استحقاقات سياسية كبرى في حال تم الاتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين، وسيعمل الملك عبد الله على شرح الموقف الاردني الذي كان دائما داعما لحقوق الفلسطينيين بحسب قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بما في ذلك حقة بتقرير مصيره و اقامة دولته المستقلة على ارضه وعاصمتها القدس الشرقية. وأي تغيير في معادلة السلام هذه يفرض موقفا اردنيا حازما يتعاطى مع مصالحه العليا التي لا يمكن التنازل عنها.
ستكون هذه هي القمة الأهم بين الملك عبد الله والرئيس اوباما لأنها تأتي في ظروف بالغة الحساسية محليا واقليميا. والأردن يدرك أهمية اللحظة وتداعيات ما سيأتي بعدها على امنه واستقراره.