لصوص المياه مرة أخرى

خمس سنوات وأجهزة وزارة المياه تبحث عن "تحويلة" غير شرعية من أنبوب المياه المزود لإحدى مناطق الأغوار من دون فائدة.

أحدهم سرق لأكثر من خمس سنوات وبصفة يومية مياه الأردنيين لمصالحه الخاصة وأجهزة الرقابة لم تكتشف طوال هذه السنوات "الماسورة" التي تتم السرقة منها وتحويل المياه لإحدى المزراع.

بقي الأمر سرا حتى قام أحد العمال بوشاية على لص المياه الكبير الذي تبين أنه مزارع من إياهم – أقصد النافذين جدا الذين يرون أنفسهم فوق القانون بالعادة- .

بعد إكتشاف العملية حررت مخالفة للحوت الكبير بقيمة تقترب من مئة ألف دينار وبقدرة قادر خفضت المخالفة وبطريقة قانونية عبر المحكمة والوساطات حتى وصلت لخمسة الاف دينار فقط من الواضح أنها لم تدفع حتى الآن في وقت عَبَر سارق المياه الكبير بسرقته التي تعد بالملايين بعد ما سمح له "النظام المتبع" بالافلات بغنيمته.

طبعا هذه قصة حصلت في الماضي وسمعتها حديثا.. شخصيا لا أعرف كيف يتمكن مواطن عادي من سرقة مياه لخمس سنوات متواصلة من دون إكتشافه.. أعتقد أن ما حال دون اكتشافه ليس قدرته على إخفاء معالم الجريمة بقدر امتلاكه قدرات موازية لا يملكها ولا يبلغها مواطن بسيط من نوع الأغلبية الذين تقطع عنهم مياه الشرب مقابل فاتورة بعشرة دنانير.

إستمعت شخصيا الى وزير المياه الصديق حازم الناصر وهو يبلغنا بأن القرار السياسي صدر بخصوص معالجة المياه المسروقة والمهدورة وحسبما فهمنا صدر القرار لان المياه أصحبت مسألة في غاية الخطورة ودخلت في المجال الحيوي للأمن الوطني والقومي خصوصا بعد إلاستعمال "الجائر" لمصادر المياه الجوفية في الشمال لتدبير المياه لنحو مليون شقيق سوري لاجئ.

الفكرة التي فهمناها كانت كالتالي: لا مجال بعد الآن للتسامح إزاء سرقة المياه لانها لا تعني فقط الاعتداء على حياة الأردنيين، بل العبث مباشرة بالأمن القومي.. على هذا الأساس تدخلت قوات الدرك في أكثر من مكان لإغلاق آبار غير شرعية، وعلى هذا الأساس تقدمت الحكومة بتعديلات على القوانين المعنية بالأمن المائي.

وعلى الأساس نفسه سمعنا الحكومة وهي تعلن عشرات المرات أنه لا تسامح بعد الآن مع المعتدين على مياه الشعب الذين يسرقون المياه ثم يبيعونها للمواطنين على مسمع وبصر السلطات وبقوة البلطجة على حساب القانون.

يبدو أن وزارة المياه قررت التكشير عن أنياب القانون في هذه المسألة ونحن ندعمها بكل قوة.

لكن يبدو أن هذه التكشيرة لا زالت قاصرة عن بعض الحالات "النافذة " جدا.

لا نريد للإجراءات القانونية النظامية التي تحافظ على حياة الناس ومصالح الشعب والدولة والعدالة أن تزحف.. نريدها أن تركض، فلا يوجد شخص ولا مجموعة ولا شبكة أقوى من قوة القانون وقوة الحق، وكل المسألة ان مؤسسة الفساد "تتشاطر" أحيانا وتحاول إخافة حراس القانون.

على إجراءات ردم الآبار غير الشرعية ان تشمل الجميع، وعند ما نقول "الجميع" نقصد من دون إستثناء، وشخصيا لا أعتقد بأن إجراءات عادلة وقانونية واصلاحية ضد النافذين المعتدين على حقوق الشعب يمكن أن تجد من يدافع عنها لا في الشعب نفسه ولا في مؤسسة القرار.

الاصلاح الزاحف لا يغير شيئا ويمكن إعاقته بحصاة.. ما يحقق هو الإصلاح السريع الخاطف على الأقل في قضايا الإنفلات الأمني والإعتداء على القانون وسرقة مياه وكهرباء الشعب.