الحسين ...الغائب الحاضر


خمسة عشر عاما و الاردنيون ومعهم العالم يعيشون بدون الحسين ... العيون تدمع والقلوب يعتصرها الحزن والالم على فراق الباني للاردن الحديث المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه... نعم سنون مرت كلمح البصر ولكنها صعبة وقاسية مرت علينا بدون القائد الحسين . سيبقى يوم السابع من شباط مسطرا في التاريخ الاردني والتاريخ العالمي يوما قاسيا ومشؤوما ، ففي هذا اليوم فارقنا المغفور له باذن الله الحسين بن طلال ...وقف العالم مذهولا حيرانا امام الحدث الجلل ...كنت حينها مستشارا في دولة اوكرانيا وعشت مع الاسرة الاردنية هناك اللحظات الاخيرة لحياة جلالته ...تابعنا عقارب الساعة بمرارة وحزن ...وصلنا النهار بالليل لنجعل العمر كله ليلا اسودا على فراق الحسين العظيم .. تلقيت المكالمات الهاتفية من ممثلي رؤوساء دول صديقة يتابعون الحالة الصحية لجلالته .... تواصلنا مع الاخت ايمان الريحاني في مكتب سمو ولي العهد آنذاك الامير عبدالله ابن الحسين ، كنا نسمع اصواتا حزينة نشاركها الدموع الغزيرة ... نعم بكينا وبكى الجميع على الفراق .... تنادى الاردنيون جميعا لنلتقي في مبنى فرع السفارة نستقبل المسؤولين والسفراء الاجانب الذين ما ان تناهى الى مسامعهم نبأ الوفاة حتى تدفقوا باكين ومعزين بالفقيد الراحل ... ساعات ولحظات لا يمكن ان انساها .. عرفنا كم هو غالي الحسين ليس فقط على قلوب الاردنيين ، لا بل على العالم باسره ... عشنا المشهد المهيب لجنازة المغفور له الحسين والتي شارك فيها قادة وزعماء العالم بأسره وهي تجوب شوارع العاصمة...هنا في عمان وفي جنازة الحسين التقى ممثلوا الاديان والطوائف جميعها ... الغيت العداءات وحل السلام والوئام بين الجميع ، اذ عمل جلالته حتى في موته على تحقيق المحبة والسلام بين الناس كما هو عهدنا به في حياته ساعيا وداعيا للسلام والمحبة والمسرات بين الجميع . غاب الحسين عنا جسدا وها نحن نستقبل العام الخامس عشر على رحيله ولكن لا نشعر ابدا بفراقه الروحي ...لم يغب الحسين كما هي جلالة الملكة نور الحسين رفيق دربه في رحلة المرض عن ذاكرة الاردنيين وقادة العالم العظام ... سيبقى الحسين حاضرا في القلوب الى الابد ..يذكره الصغار قبل الكبار في الاردن بكل الطوائف والانتماءات .. الحسين الوسطي ..السياسي الهادىء والمخضرم ..نعم نفتقد الحسين عندما يشتد الظلام ، ونحتاج اليه كالحاجة للقمر في الليلة الظلماء .. اسم الحسين سيظل محفورا في القلوب والذاكرة لان كل ما هو في الاردن يلتصق التصاقا كيماويا وعضويا بالحسين ... فهو المؤسس والباني والقائد ..الاخ والاب الحان الذي يمسح الدمعة من العيون ويحتضن الفقراء والمساكين نعم ...هو اب اليتامى الذين اهداهم قصره ليكون مأوى لهم يقيهم البرد والحر .. هو الانسان بكل ما تحمله العبارة من معان لانه آمن بالايثار قبل الاثره ... كان يسعى من اجل سعادة الاخرين قبل سعادته ... ومن اجل هذا كله يذكره وسيبقى يذكره الاردنيون الى الابد ... ويستذكرون في كل يوم السابع من شباط بالحزن والاسى مآثر الحسين العظيم . نقف اليوم مستذكرين جلالته بالفخر والاعتزاز بقلوب تنزف دمعا كما هي العيون... شيبا وشبابا نضرع الى العلي القدير ان يسكن جلالته فسيح جنانه وعزائنا الوحيد بخلفه المبارك جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ماضون معه وبقيادته الهاشمية حتى نحقق طموحات الحسين وآمالة وتطلعاته في اردن زاهر بمستقبل زاهر وحياة كريمة ويتحقق شعار الحسين الانسان اغلى ما نملك وشعار فلنبن هذا البلد ولنخدم هذه الامة . المسيرة ماضية ومستمرة بقيادة عبدالله الثاني من اجل البناء والاصلاح وخدمة الامة وتحقيق الامن والاستقرار والسلام في المنطقة ليعيش الجميع بامن واستقرار وعلى طريق الحسين ماضون .. فالحسين الغائب بجسده حاضر معنا بروحه وتوجيهاته . رحم الله الحسين وبارك الله بعبدالله الثاني وحمى الاردن.