«داعش» بلا غطاء «قاعدي».. ماذا عن «النصرة»؟
هلّل البعض لقرار امير المجاهدين «الاكبر» زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري، رَفْعَ مظلته عن الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) واعتبارها خارج اطار التنظيم، مُنْكِراً على أميرها وعديدها، زعمهم الانتماء الى «فكر» القائد المؤسس الشيخ اسامة بن لادن، ظناً من هؤلاء (المهللون) ان الظواهري بذلك يُهْدِرُ دم «الدولة» ويمنح لخطاب الانظمة او الجهات التي تحارب هذا التنظيم، صدقية وقبولاً من الجمهور الذي لا تتوقف اسئلته المحرجة، عن الاسباب ودواعي القصور والعجز الذي افضى الى كل هذا «النمو» والتمدد السرطاني لهذا التنظيم وخصوصاً في العراق والكيفية التي نجح فيها بالتواجد الكثيف والميداني على الاراضي السورية بل والسرعة اللافتة التي اظهرها «مقاتلوه» في الهيمنة على المشهد المُعارِض بشقه العسكري، في الأزمة السورية، وكيف تمكّن من إخضاع باقي الكتائب والفصائل وبخاصة الحركات ذات الخطاب الاسلامي المتطرف، الى ان بدا وكأنه يقول للجميع ان «الأمر لي»، وكان له بالفعل ما اراد، حتى بعد تلك «المواجهة» التي حدثت بين امير «الدولة» ابو بكر البغدادي، وامير جبهة النصرة ابو محمد الجولاني، الملقب بالفاتح، وكيف نجح الاخير في استمالة الظواهري ونيل دعمه عندما «بايَعَهُ» رافضاً أوامر البغدادي بالاندماج في «دولته» وأبقى على «النصرة» فرعاً للقاعدة في سوريا، وهو ما باركه الظواهري، قاطعاً الطريق على البغدادي، لتوسيع «امارته» وربما لاحقاً منافسته، وهو الأمر الذي لم يُخْفِه البغدادي عندما رفض الاستماع او تنفيذ «اوامر» الامير الاكبر الظواهري، متخذاً لنفسه (ابو بكر البغدادي) مكانة مُتفردة ومُتميزة وإرثاً، ينهض على شطب جبهة النصرة ومعاقبة اميرها، بالعمل على اغتياله او اعتقاله، لكنه لم ينجح حتى الآن، رغم انه «اثخن» النصرة، وأوقع في صفوفها خسائر فادحة، عندما بدأت حروب التصفية والالغاء بينهما, وهي ما تزال حتى اللحظة، تتواصل فصولاً وتأخذ طابع الكرّ والفرّ, تتقدم «الدولة» هنا ليعقبها تراجع للنصرة هناك ثم لا تلبث أن تطارد «الدولة» لكن الاخيرة تنجح في السيطرة على مدينة «الرقة» وتحولها الى حصن وقاعدة انطلاق لمحاربة باقي التنظيمات التي لا تدين لها بالولاء أو ترفع الرايات البيض..
«داعش» تُصرّ على البقاء أو تخوض معركتها الاخيرة, لكن السؤال الذي يبرز الان يكمن في «السرّ» الذي يجعل من داعش قوة تُحشّد لها القوات «الضخمة» وتحظى بدعم بعض العشائر, على النحو الذي يظهر في العراق ونجاحها (...) في التحوّل الى رمز أو ممثل للسنّة, ما يثير المخاوف بأن بعض السُنّة في العراق, لا يعيرون اهتماماً أو يبدون حساسية تجاه تنظيم ارهابي، لا يتوانى عن قطع الرؤوس وقتل الابرياء وأكل الاكباد ومقارفة الجرائم وممارسة أبشع انواع الارتكابات، وتدمير الكنائس والمساجد, وخصوصاً تكفير الناس وكل ذلك باسم «الاسلام» الذي هو منه براء.
ثمة نغمة تسعى بعض دول المنطقة الى «اللعب عليها» عبر الايحاء بأن المواجهة المحتدمة الان في العراق، هي بين الشيعة والسنّة, وبخاصة أنها تدور في محافظة الانبار وفي مدينتي الرمادي والفلّوجة, وهو أمر يثير الريبة والتشكيك في صحة التوصيف, هذا الذي يروم الطمس على البعدين الأمني والسياسي, وإن كان من المنطقي عدم انكار وجود شخصيات واحزاب وائتلافات وقوى ذات مصلحة في الابقاء على العنوان المذهبي لما يدور في العراق, وهذا ينسحب على الخندقين أو الخنادق المتقابلة, مع أن أحداً لا يُنكر بأن ما يجري هو صراع سياسي داخلي بأبعاد اقليمية ذات امتداد دولي، وجدت «داعش» فيه فرصة ذهبية, خاصة بعد مرور عام على الاعتصام في مدينة الرمادي، والذي أقدمت حكومة المالكي على «فضّه» بالقوة المفرطة على ما يتهمها خصومها في محافظة الانبار..
ماذا عن جبهة النصرة؟
المجاهد الأكبر الظواهري، خَلَعَ عباءته على جبهة النصرة، ورأى فيها «الفرع» الشرعي والوحيد للقاعدة في سوريا، لكن إئتلاف الشيخ احمد الجربا، لم يُدنْ قرار الظواهري أو يتبرأ منه، وهذا يعيدنا الى ما كان سلفه الشيخ احمد الخطيب وجماعة الاخوان المسلمين في سورية وبعض شخصيات اليسار المتأمرك يرونه فيها، ويقولون عنها: ان عناصرها مقاتلون وثوار وهم يساندون الشعب السوري في ثورته..
هل يلتحق ممثل «للنصرة» بوفد الجربا المفاوض في الجولة الثانية من جنيف 2؟.
شيء كهذا غير مستبعد، رغم ان واشنطن (وحدها بالمناسبة) وضعتها على قائمة المنظمات الارهابية.