المجالي وفريضة الدفاع عن هوية الدولة

ليس سهلاً على شخصية نيابية موزونة مثل المهندس عبد الهادي المجالي أن يقول أول من امس تحت قبة البرلمان بأن أوضاعنا الداخلية لا تسر .
ولكن أليست المشكلة التي تواجهها الحكومة اليوم في جزء منها يعود لاجتهاد بعض النواب أنفسهم؟!. فالحديث عن حقوق مدنية لأبناء الأردنيات هو استجابة حكومية لائتلاف المبادرة النيابية التي رأت أنه لا بدّ من وضع حدٍ لمعاناتهم، والمجموعة ذاتها وقفت بجدية ووعي على قضايا مفصلية في التعليم والطاقة والتنمية وغيرها.
وأما القول بالمفصل التاريخي، فإن الدولة مرت بذات الظروف والمحاولات الأميركية السابقة والمتكررة منذ مشروع روجرز 1969-1970، من ثم جولات جيمس بيكر وما تلاها من ضغوط لوزيرة الخارجية الأميركية غوندليزا رايس، وصولاً إلى جون كيري وجولاته التي كما قال وزير خارجيتنا، إنها ترسم إطار بدء ولا تصنع اتفاقية، وهو كلام يظل أيضا ينقصه الوضوح. ويحق للمجالي وغيره من النواب ابداء مخاوفهم.
وفي كملة المهندس عبدالهادي المجالي تحذير من غموض عملية السلام الراهنة وتنبيه لعدم ضياع هوية الدولة، ودرء الارتباك الذي قد ينجم عن كل المحاولات التي من شأنها زج الأردن في اوتون معركة جديدة على البقاء، وفي تلك المخاوف حق مشروع لكل أردني، ذلك أننا بتنا نسمع ونقرأ من البعض، أن مخاوف الأردنيين من اصل اردني مبالغ بها، وهنا تبدأ عمليات معقدة من التفسيرات والتأويلات للغايات التي تقف وراء تلك المقاصد وإظهار المخاوف.
وبغض النظر عن دوافع الجميع في الدخول في الجدل الدائر حول هوية الدولة، فلا أظن أن احدا يختبر اليوم ولاء احد، أو له الحق بذلك، وهناك اجماع على أن هذا الوطن حماه ابناؤه الشرق اردنيين من الضياع في مفاصل كثيرة، وهناك اجماع على أن الأردنيين من اصل فلسطيني أسهموا في معركة البناء وفي أمن وبقاء الوطن من ابواب الاقتصاد والتنمية والجيش أيضاً. ولا مشكلة في استيعاب هذا الأمر ما دمنا نتفق على قاعدة الوطن للجميع كل بقدر بذله وذوده عنه.
أما مصدر المخاوف فهو نابع مما يطرأ من جدل حول خيارات التسوية والوطن البديل، الذي كلما قلنا، إنه خيار تبدّد عاد ونشط، وما الحديث بضبابية عن حق العودة أو التعويض أو تجنيس أبناء الأردنيات او حتى مطار اسرائيلي قرب العقبة إلا نوع من الارباك الجديد المتجدد الذي يجعل الأردن دوما في حالة من عدم الاستقرار التي يريدها لنا اعداء هذا الوطن.
نعود لمخاوف النواب من المرحلة الحالية ومخاوف النخب والناس العاديين، فيجب أولاً التأكيد أنها لا تمس علاقة الفلسطيني بالأردني، وهي علاقة شابها الكثير من الجدل والفراق والود، كأي أخوين، لكنها في الجوهر ظلت علاقة وحدة ومصير مشترك وهذا ما يجب أن نؤكده، لكنها علاقة قد تختلف في مستوى النضالات الوطنية واتجاهاتها، وهذا أمر طبيعي، لأن الفلسطيني ظلّ -وحق له في ذلك- متعلقا بمشروع تحرري فلسطيني، وظل في مستوى الولاء الوطني والعطاء الكبير للوطن الأردني. ولم يحمل حقائبة ويسافر لما هوى مشروعه الوطني التحرري الفلسطيني، ولم تطلب منه الدولة ذلك، وهذا فضل للدولة لأنه مواطنها، الذي يجب أن يظل على انتمائه لقضيته الأم، فالفلسطيني ليس مقيما في الأردن وليس هو وافدا أو نزيلا.
ولكن حين يطلب كبار القوم والناس البسطاء والعكسر المتقاعدون توضيحا عن مآل هوية الدولة، فهو حق أيضا، في مواجهة مخاطر التسويات الكبرى، فتلك فريضة واجبة للحفاظ على الأردن، يتشارك فيها الأردني والفلسطيني معاً.
Mohannad974yahoo.com