مشروع كيري ومقولة غوار الطوشة
إسرائيل شاء العالم أم أبى مشروع غير منجز في هذه المنطقة ولا مستقبل له مهما تتطاول مستعمراتها في البنيان وتصبح فوق رؤوس العرب تطل بوجهها القبيح لتغير شكل المنطقة وملامحها التي ستبقى عربية وفلسطينية للأبد.
كذلك مشروع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي يهدف لمساعدة قوى التطرف الإسرائيلي في التحول إلى دولة يهودية معترف بها.
مشروع كيري أيضا غير منجز، ولا يمكنه النفاذ، وما يقوله الأمريكيون "لم يعد قدرا" لأن المسألة تتعلق بحق تاريخي وبوطن وبشعب ضرب مثالا للإنسانية في الصمود والنضال، فالحقوق عندما تكون تاريخية لا تصلح معها مشروعات سياسية من هنا أو هناك.
كيري وحسب آخر معلوماتنا يجر أطراف الخيبة، ويسحب ملفاته وأوراقه ويراجع موقفه، فلن يجد ولو فلسطينيا واحدا يمنحه صك الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني وإن وجد غطاء عربيا يحاول الالتفاف بصياغات متعددة غير واقعية على "حق العودة".
لا يستطيع الأمريكيون فرض التصور الذي تسرب من مارتن إنديك كحل سياسي.. هذا ليس حلا وليس سياسيا بكل الأحوال، وإسرائيل كيان اعتاد الحرب والقتل والدمار، ولا يعرف مسلكا للسلام ولا يؤمن به، ولا مصلحة للكيان الإسرائيلي بالسلام، وعلينا أن نتوقف عن لغة السلام لنستعد لصراع يمتد لأجيال.
كل القضية أشبه بطبخة الحصى، فإدارة أوباما تريد تمرير اتفاقها مع إيران على الملف النووي وتخشى أن يحرك نتنياهو ودهاقنة القتل الإسرائيليون ماكينتهم الإعلامية والمالية في واشنطن لإعاقة الاتفاق مع إيران، وكان لا بد من تقديم "رشوة سياسية" لتل أبيب تمثلت في الحل الذي يخلو من الحل عمليا.
مشروع كيري يذكرنا بمقوله شهيرة لغوار الطوشة عندما حمل كأس حليب ليقول: هالحليب ما في حليب.
كذلك مشروع كيري تخديري ليس أكثر، وواهم ولا يوجد فيه مشروع من أي نوع وأي وزن، وأي زعيم فلسطيني يستطيع التنازل عن حقه الشخصي بالعودة كما فعل عباس عندما سامح اليهود بـ"صفد"، أما العودة فهي حق فردي لا يسقط عن أي فرد فلسطيني إذا ما سامح به آخر، ولا يمكن سقوطه باتفاقيات سياسية خصوصا غير منصفة ومؤسسة على خدمة المشروع الصهيوني.
عليه دعونا نتوقف عن الاسترسال في الجدل البيزنطي ونصفق لكيري وهو يلملم أوراقه ويغادر.. حتى لو قرر العودة فلن يقدم شيئا يمكن الشعور بالخطر بسببه، فما يعرض حتى اللحظة غير منطقي ولا يمكن إنجازه وهو أقرب وصفة للاضطراب وللحرب وسيصب بمصلحة إيران وحزب الله وتنظيم القاعدة، فالاعتراف بيهودية الكيان الغاصب يعني السماح لنا وفورا بتنفيذ الفكرة التي تعشعش في وجدان كثيرين منا بعنوان الصراع الوجودي والديني مع اليهود والأمريكيين والغرب برمته.
دولة يهودية في إسرائيل ستعني عشرات الدول الدينية في المنطقة وعلى الباغي تدور الدوائر.