هل ندخل نقابة المعلمين آمنين؟


هل حان الوقت ليصبح الدخول إلى أروقة نقابتنا المبجّلة عملاً منظماً بعيداً عن الحسابات الحزبية والعشائرية والتقسيمات الجغرافية والنكهة الأمنية إذا صحّ ما يقال؟، هل حان الوقت لدخول نقابتنا بعيداً عن الاتهامات، والتشكيك باختيار معلمينا بالميدان؟، إلى متى تبقى العاطفة بالأغلب هي التي تحرك مشاعر معلمينا في طريقة الاختيار؟. إلى متى يغرسون فينا أن النتائج محسومة وأن قدرنا هو الانتظار.

منذ أسابيع بدأت طبول المعركة الانتخابية التعليمية تدقّ في مدننا وأريافنا وبوادينا، وكالعادة تبدو المؤشرات الأولية لا تبشّر بنقلة نوعية في طريقة الطرح والبرنامج والرؤى التي من المفترض أن تقود نقابتنا إلى طريق مدروس واضح المعالم يكون همّه الأول مهنيّ والآخر وطنيّ، كون المعلم إحدى المكونات الهامة في النسيج الوطنيّ، ولا يمكن أن يكون معزولاً عن ما يدور في الغرف المغلقة من سياسات حكومية قد تكون صادمة في إبعادها الوطنية والعربية.
مازالت الفزعة، وحب الظهور أو ما يطلق عليهم عرّابيّ الانتخابات يتصدرون المشهد نفسه في الأغلب، وكأنهم هم الصندوق الأسود الذين يعرفون خبايا الأمور، وهم من يحتفظون بالأوراق الرابحة في صندوقهم المغدور ولا نعلم قد يوزّعون صكوكاً لمن يستقيم عليه الاختيار ومن عليهم الانتظار.

والعجيب أن ميداننا التربويّ حافل بالنخب المثقفة، وذات الخبرة في العمل المهنيّ، والسياسيّ ومنهم من يدرك أن العبور إلى نقابة مهنية فعّالة يحتاج إلى مخزون فكريّ، ومواصفات في الحوار والمناورة، والاتصال وعدم الرضوخ لمكالمة من هاتف نقّال أو صديق غير ناصح، أو لمعادلة تنسج خيوطها بعيداً عن أيادي معلميّ الميدان، وأن لا يكون جلّ همّهم الوصول إلى مكاسب بعينها أو التفاوض على مغانم تؤمّن لهم الاستمرار في عملهم السياسيّ، أو تكون عضويتهم النقابية تتصدر سيرهم الذاتية.

لاشك أن أبواب نقابتنا في السنوات الماضية لم تكن في مأمن لمعلمينا، لشدة الانقسامات والحروب الطاحنة في الهيئات المركزية، فضلاً عن البحث عن "المايك" الإعلامي الذي يجلب لأغلبيتهم الظهور، وآخرون اجتهدوا في الدفاع عن المعلم وقدموا الكثير من الامتيازات

والحلول، لكن ذلك لم يشفع لهم وبخاصة أن النكهة الحزبية طغت أحياناً على بعض اجتماعاتهم، ولا عيب في ذلك ما دام أنهم انبثقوا من مؤسسات يشهد لها بالتنظيم والاستقامة.

لا أريد من القارئ أن يشرد ذهنه كثيراً في تأؤيل كلمة "آمنين" التي طرحتها في عنوان مقاليّ فهدفيّ الأكيد أن تكون نقابتنا للجميع وأن لا تكون لغة الاتهامية، والتشكيك هي الطاغية على طاولة فروعنا، حتى يدخل معلمنا إلى فروع نقابته وهو سعيد بهذا الجهد النقابيّ الراقي، وأن يكون جلّ شخوصهم من الذين هدفهم الارتقاء بالعمل المهنيّ إلى العلياء، لا النكوص إلى الوراء.

لا نريد كتلاً هلامية سريعة الانشطار، نريد كتلاً مدروسة بإتقان، فالمعلم الذي عاصر أغلب انتخابات الوطن لا بل شارك في الاختيار وبالعملية برمتها لم يعدّ جاهلاً في الوصول للأنسب إلى النقابة الرقمية الأولى.