تغييب الحقائق
تغييب الحقائق
بقلم: شفيق الدويك
رغم أنها لعبة قديمة جدا، فلقد ثبت للجميع في الآونة الأخيرة و بما لا يدع مجالا للشك بأن معظم المحيطين بمعظم القادة يتّبعون سياسة تغييب الحقائق عن القائد أو تحريفها بإتقان و بإحتراف لا نظير له في خطوة تهدف في الأساس الى تحقيق مآرب شخصية ضيقة بحته بغض النظر عن عدد ضحايا تلك السياسة وحجم الأضرار الإنسانية الناجمة عن ذلك.
تتمكن السياسة سالفة الذكر من المؤسسات العامة و الخاصة بسبب الإعتقاد السائد لدى معظم القادة بأن الصلة (قرابة أو نسب أو جيرة أو زمالة أو غير ذلك)، و إجتياز الإختبارات المبدئية المتعلقة بالإنتماء و الولاء المطلق التي تتعرض لها البطانة في بداية الأمر بنجاح باهر ( لأنه مستند دائما على خبث و مكر و دهاء و حيلة منقطعة النظير)، يولّد المبرر القوي لمنح الثقة العمياء المطلقة لهم من قبل القادة.، هذا و يعتقد أولئك القادة بأن الإعتماد على عدد معين محدد و محصور في معرفة صورة أو حالة الوضع العام أفضل و أنجع من تمرين التفاعل الميداني المستمر و مع جمهور كبير من المرؤوسين أو عيّــناتهم و في هذا خطأ قاتل بل خطر مرعب.
بعبارة أخرى نحن نتكلم هنا عن محاولة وضع القائد داخل صندوق بحيث لا يعلم بما يجري خارج الصندوق. بالمناسبة كنت دائما أركز في موضوع التسويق على مسألة ضرورة تجنب المسوّق وضع نفسه داخل صندوق لأن الوظيفة التسويقية تحتم عليه معرفة ما يدور حوله في البيئة الخارجية أي خارج المؤسسة ليتمكن منتجه من البقاء في السوق.
مع مرور الوقت يجد القائد نفسه يمتلك وقت فراغ كبير يحاول تمضيته مع من حوله من المحيطين به أثناء ساعات الدوام الرسمي، و تصبح التمضية تلك نوع من الإدمان أو العادة، و يغدو تغيير ذلك الإدمان ضربا من الخيال أو الأمر الصعب.
كنت أعجب من بقاء مقرب لقائد مؤسسة لأكثر من ثلاث أو أربع ساعات (هي تقريبا مجمل وقت القائد داخل المؤسسة)، و لا أحد يدخل عليهما، و مع الأيام يرتفع الحاجز بين القائد و بقية المرؤوسين أكثر و أكثر لدرجة أن صوت الألم الإنساني لا يُسمع، و طمس الحقائق أو العبث فيها و غياب الحقوق المتعلقة بالمرؤوسين يصبح أمرا عاديا يطويه النسيان النعمة النقمة shafiqtdweik@yahoo.com