الحرب القادمة ... اختراقات الكترونية بامتياز!


فَرح العالِم الفيزيائي الانجليزي ((طومسون)) عندما اكتشف عالم الالكترونات عـام 1897م , فرح وقتها , لكن ربما اغضب الآخرين فيما بعد , لم يتوقع صاحبنا طومسون أن اكتشافاته العظيمة ستدمر البشرية يوما من الأيام , ولم يخطر بباله ولو للحظة واحدة أن الحرب القادمة ستكون حتما من خلال الاختراقات الالكترونية المذهلة , ولم يشاورهُ احد من العلماء الذين أتوا من بعده عندما اكتشفوا قدرة الإلكترون على تلقيح النواة , ولم يأخذ قراصنة الحاسوب ((الهاكرز)) إذنا منه لاختراق المواقع الالكترونية ليسرحوا ويمرحوا دون حسيب أو رقيب , ولم تستسمح منه الالكترونات وأخواتها حين دخلت عالم الاتصالات من خلال الألياف الضوئية , هذه الالكترونات لا تعرفُ منظومة القيم , فقد عرّت وكشّفت قيود المعلومة وأسرارها , هذه الالكترونات استسلمت لها وسائل الإعلام والآلاف من الأجهزة الأخرى , لكننا نقول للسيد طومسون : عذرا لك , فان العالم اليوم أمام تعلم الكتروني , وأمام طب الكتروني , وأمام قرصنة الكترونية (الهاكرز) , وأمام حرب الكترونية , وأمام هدنة الكترونية , العالم اليوم أمام المحاكمات الالكترونية , كل هذا وصاحبنا طومسون غائب دون ملائكة , غاب هذا العالِم ولم يشهد الملحقات السلبية لاكتشافاته الالكترونية , هذه الاكتشافات وصلت الآن إلى ما يسمى بالهندسة الالكترونية . 
لم تعد حماية المعلومة وسريتها وتشفيرها في عالم ((الاختراقات الالكترونية)) ممكنا , فالاختراقات الالكترونية أصبحت ظاهرة تشكلُ مستوى عالياً من الخطورة والقلق , وانتشرت حالات الاختراق بشكل غير مسبوق حتى تعّرض كثير من الشخصيات المعروفة لاختراقات الكترونية , ناهيك عن تعّرض كثير من المواقع الالكترونية الفكرية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية لاختراقات الكترونية , كيف لا ؟ وان دوافع الاختراقات الالكترونية مختلفة ، منها سياسية ، ومنها خلافات أيدلوجية ، وتجارية ، ومنها ممارسات فردية ، كلها تحظى بنسبة عالية جداً من روح الانتقام وابتزاز الآخرين , إن سرقة المعلومات ومعرفة كلمات السر الخاصة بالبنوك و تكنولوجيا المعلومات وأسرر الجيش من دون وجهة حق , سيؤجج حياة البشرية . 
((الاختراقات الالكترونية)) القادمة ستتعدى من كونها اختراقات شخصية أو فكرية أو علمية أو اقتصادية أو الاجتماعية , بل ستكون اختراقات سياسية , وأبعد من كل ذلك ستكون اختراقات عسكرية بامتياز , وستضع العالم أمام حرب قادمة لا محال هي حرب ((الاختراقات الالكترونية)) , وأن مواصفات حرب الاختراقات الالكترونية ستختلف عن الحروب التقليدية المتمثلة في احتلال الأرض والبشر , وعن الحروب الذرية المتمثلة في حرق الأرض والبشر, لتأخذ طابع الكترونياً أكثر تعقيدا ًمع ألإبقاء على الأرض والبشر لكن تتمثل : في الوصول إلى المعلومة العسكرية , وفي عمليات تغيير الخطط العسكرية , وفي عمليات تعطيل منظومة الصواريخ , وفي عمليات حذف البرامج العسكرية , وأبعد من ذلك في عمليات سحب الاستراتيجيات العسكرية وتطويرها , وربما يصل الأمر إلى تحريف المسارات الذرية عن مساراتها الحقيقية رغم انف النواة , وهنا تكمن خطورة اكتشافات صاحبنا ((طومسون)) , لنقول للبشرية جمعاء : نعم الحرب القادمة هي حرب(اختراقات الكترونية) بامتياز... وعظّم الله أجركم .