الحركة الوطنية لا تحتاج ترخيصا

للمرة الثانية، تعرقل وزارة الداخلية، ترخيص "حزب المؤتمر الوطني الأردني"؛ هذه المرة، بذلت الوزارة جهودا ديناميكية في الاستدعاءات والتهديدات والمكافآت، لكي تبرهن على أن الحزب لم يستوف شروط التأسيس!

منذ اللحظة الأولى لم يستوف الحزب شروط التأسيس بالنسبة للنظام الحاكم في بلدنا؛

ـ فهو حزب للمتقاعدين العسكريين،
ـ وهو يؤكد على الهوية الوطنية للدولة، ويرفض سياسات التوطين والتجنيس والتهجير وتصفية القضية الفلسطينية على حساب فلسطين والأردن،
ـ وهو يركّز على أولوية التنمية الشعبية في المحافظات.
وهذه الأسباب ، وحدها، تجعل الحزب محرماً.

برافو!

تبيّن أنه ليس هناك ترهل في الداخلية، بل انتاجية عالية وكفاءة في ترسيخ نهج " التمكين الديموقراطي"، جوهرة الدعاية للنظام، فالتمكين الديموقراطي يعني تمكين التوطين، ليس فقط ركوعا لجون كيري، وإنما، أيضا، خضوعا لقوى التوطين المحلية وشره المال.

الطريف أن وزارة الداخلية التي تستأسد على المتقاعدين العسكريين، تصرفت كأرنب مذعور في تطبيق مبادرة التجنيس المزوّق بجواز الخمس سنوات " المؤقت"، واستجلاب المهاجرين من الأرض المحتلة، تحت شعار الحقوق المدنية لأزواج وأبناء المواطنات الأردنيات.

هناك حملة لشيطنة كل اعتراض على خطة الوطن البديل، الجاري تنفيذها، عن طريق تسخيف الرأي الوطني أو تكفيره؛ كاتب محلي اعترض على رئيس الديوان الملكي السابق، رياض أبو كركي، لأنه تجرأ ونشر رأيه في عملية تهجير ربع مليون من أشقائنا الفلسطينيين من فلسطين نحو الأردن تحت ذريعة الحقوق المدنية.

يرى الكاتب أنه ليس من حق مسؤول سابق، الاعتراض، وليس من حق حزب وطني أو مثقف، ابداء الرأي، حين يكون الأمر متعلقا بالعمليات الواقعية الجارية للتوطين والتجنيس؛ يكفينا، هنا ، الركون إلى تصريحات ناصر جودة!

الأردنيون ـ باستثناء أولئك الذين باعوا ضمائرهم ـ لا يثقون، حين يتعلق الأمر بمسألة الوطن البديل ، بالحكم ولا بالحكومة! ذلك أن الأقوال المكررة لا قيمة لها حين تناقضها الأفعال المستمرة على الأرض، خطوة بخطوة.

وكمثال أخير على الفصام النفسي السياسي في هذا الملف، ما تضمنه لقاء الوزير خالد كلالده ـ الذي تحول واحدا من مداحي معاهدة وادي عربة ! ـ مع قيادات نيابية وسياسية فلسطينية في مخيم البقعة؛ جرى التأكيد من الطرفين على رفض الوطن البديل والتمسك بحق العودة، بينما كان الحدبث يتركز على قانون الانتخابات!وتحديدا تطويره بحيث يوسع دائرة التوطين السياسي!ألا يقع ذلك في باب الفصام النفسي السياسي الفردي والجماعي؟

حسنا!

منذ الآن وصاعدا، لن نجامل: خائن مَن يشارك، بالقول أو الفعل أو الصمت أو التزويق، في أيّ عملية للتجنيس أو التوطين الواقعي ـ بحجة الحقوق المدنية ـ أو السياسي بحجة قانون الانتخابات العصري؛ وكذلك من يتنازل عن حق العودة، الفعلي والسياسي...

أما في ما يتعلق بكفاءة وزارة الداخلية؛ فهي ستظل سطحية، ولن تتمكن من ضرب ما يعتمل من حراك أردني عميق سوف ينفجر، قريبا، في مواجهة تجّار الأوطان؛ فالحركة الوطنية لا تحتاج ترخيصا من أحد، وهي التي تمنح الشرعية للجميع، ولا تنتظرها من أحد.