نعم.. الهوية الوطنية مهددة!

الهوية الوطنية مهددة، ولكن بالتأكيد ليس ما يهددها منح أبناء الأردنيات الحقوق المدنية أو الجنسية. ولو أن ذلك يهددها، لكانت مشكلة بسيطة، يجب أن تحلها مناهج التربية الوطنية والتعليم بعامة. لماذا لم تنجح المناهج التعليمية في بناء الهوية الوطنية وحمايتها؟ وبالمناسبة، ما هي الهوية الوطنية؟ ومتى وكيف تكون مهددة؟ هل الهوية الوطنية متعلقة بنسبة فئة معينة من السكان زيادة أو نقصا؟ هل كان رشيد طليع ومضر بدران وأحمد طوقان، تهديدا للهوية الوطنية؟ وهل أضاف إليها فلان وفلان شيئا جديدا؟ ما الذي أعاق تطور وازدهار الثقافة والفنون والمسرح والموسيقى والدراما الأردنية؟الهوية الوطنية هي وعي الذات الذي يعرفنا به الآخر "هو". وهي بهذا المفهوم عمليات سياسية ثقافية اجتماعية إنتاجية؛ لا يزيد ولا ينقص فيها شيئا الأصول والمنابت للمواطنين، ولكن تصنعها/ تضرها اتجاهات وأفكار الدولة والمواطنين، بغض النظر عن أصولهم؛ إنها اتجاه واع فكريا وسياسيا، قرار وإرادة ذاتية وعامة، هي ببساطة "من نحن؟".لم يكن الأردن قبل العام 1921 يعني جغرافيا واجتماعيا ما يعنيه اليوم. ولم تكن فلسطين قبل العام 1917، جغرافيا واجتماعيا، تعني ما هي عليه بعد ذلك. فالأردن هو في الجغرافيا التاريخية (غالبا) حوض وامتدادات نهر الأردن، وكان على الدوام يشمل حوران والجولان، وما يعتبر اليوم شمال فلسطين وجنوب لبنان. وكان شمال فلسطين بمفهومها الحالي، جزءا من لبنان. عكا على سبيل المثال، كانت عاصمة ولاية لبنان لفترة طويلة، وقد جرت مبادلة أجزاء من حوران بضمها إلى الانتداب الفرنسي لسورية، بأجزاء من لبنان بضمها إلى فلسطين (الانتداب البريطاني لفلسطين). وكانت سيناء جزءا من فلسطين حتى العام 1830، عندما احتل محمد علي بلاد الشام، ولم ينسحب من سيناء عندما انسحب من بلاد الشام العام 1840. وعلى أي حال، فهذه مسائل لا تقدم ولا تؤخر، طالما أن الناس عرفوا هويتهم المكانية على نحو ما، فإن المكان هو ما يسمونه. وهكذا، فإن العقبة بالنسبة لنا مدينة أردنية، ولها رموز ودلالات تاريخية وهاشمية. وتختلف بالنسبة لنا عن ينبُع على سبيل المثال، برغم أنها مدينة على البحر الأحمر.المسألة ببساطة: الأردني هو من يرى نفسه أردنيا. وهو أمر لا يمكن منحه أو منعه!