كنا مثل الرماح

كنا، ننشل الماء بالدلو من البئر، ونطعم الأغنام، والأرانب، والحمام ونسقيها، وننظف الحظائر، ثم نركب الحمار لنقضي حوائج البيت من السوق البعيد قبل الذهاب الى المدرسة.

وفي الطريق، يطلب منا الجيران معروفا، فلا نتردد، لأن شيمتنا النخوة.

كان النهار طويل جدا.

المسافة بين البيت والسوق كانت، مثل الجريدة ، تحفل بالأحداث والصور والأخبار.

كنا نقضي وقتا لا بأس به ونحن نخبر الأهل عن مشاهداتنا اليومية، وكان الأهل تواقون لمعرفة كل تفاصيل المحيط، ويتلذذون في توجيهنا بإعتبارهم الكبار، أصحاب الهيبة والتجربة والحكمة، وكنا أبناء ملائمين.

لم نعرف وقت فراغ أبدا، ولم يتسلل الملل الى نفوسنا بتاتا، لأننا كنا مشغولين بتفاصيل ومهام حياتية عديدة ، رسخت مفهوم العصامية، أي الاعتماد على النفس.

كان تحصيل أي شيء يحتاج الى عزيمة وبأس شديد، وكان في التحديات لذائذ تقع دائما في نهاياتها.

كنا خيول تجري، ورماح برؤوس مدببة دائمة التسديد، ونادري الجلوس، لأن في الجلوس إرتخاء، والرماح صلبة وقاسية.