عادت مصر من غربتها

في المدن الغاضبة يحمل الناس كلماتهم وهتافاتهم وغضبهم وصور القادة الشرفاء سيوفاً من أجل أهداف سامية ونبيلة وكبيرة فيها كرامتهم وانتماؤهم الوطني والقومي

، يريدون عودة بلدانهم إلى حديقة الأمة، وحمل بندقية المقاومة والمضي لتحرير القدس والضفة الغربية وغزة والعراق،

و يوم الثاني عشر من شباط 2011 هو تاريخ عودة مصر من غربتها ا إلى وطنها العربي الذي هتف بكل أطيافه مهللاً ومرحباً بهذه العودة المشرفة مثبتة للعالم عروبتها التي لم ولن تتخلى عنها مهما كانت التحديات وبلغت الأثمان

لم يكن انتصار الثورة المصرية مجرد انتصار على الفقر والفساد ومصادرة الحريات وكمّ الأفواه كما إنه لم يكن فقط انتصاراً للديمقراطية على الاستبداد والتسلط وسياسة الترهيب والاستعلاء والاستكبار وإنما كان بالإضافة إلى ذلك انتصاراً لإرادة الشعب المحاصرة بالاعتقالات وزنزانات القهر والتعذيب خدمةً للمشروع الصهيوامريكي في هذه المنطقة التي ضاقت ذرعاً به

لم تكن تلك الثورة الا تمهيداً لولادة فكر جديد وهوية جديدة لا وجود فيهما للممانعة والمقاومة لسياساته التي تضمن أمن إسرائيل وتفوقها واستنزاف الطاقات العربية وتسخيرها في خدمة مشروعه الرامي لخلق شرق أوسط جديد تسوده الفوضى وتعمه الاضطرابات والانقسامات العرقية والمذهبية والطائفية تمهيداً لاحتلال سياسي واقتصادي وفكري يشل حركة التطور والنهوض ويعمل على تكريس التخلف والتبعية والإذعان لإملاءاته التي تصب جميعها في خدمة الكيان الصهيوني الغاصب

إذ ليس من المعقول ولا المقبول أن تتحول أرض الكنانة إلى مدرسة تخرج تيارات وأحزاب وقوى سياسية معادية للانتماء العربي القومي وحليفة لا بل عميلة للإمبريالية العالمية التي توجهها وتسيطر عليها عصابات صهيونية حاقدة في الوقت الذي كانت فيه مصر منهلاً للأبطال والثوار تستقي منه معاني الفخر والاعتزاز والتمسك بالهوية العربية ونبذ ومقارعة كل محاولات الهيمنة على تراثنا القومي ومحوه من ذاكرة الوجود.‏

نعم لقد  حاول البعض تغييب دور مصر عن الصراع العربي الإسرائيلي وتحويله  إلى صراع عربي عربي يضمن لإسرائيل وأمريكا نجاح مخططهما الاستعماري في تفتيت هذه المنطقة وجعلها بؤرة توتر دائم وخلافات دائمة تعيقُ نموها وازدهارها وتضعف قوتها في التصدي لعصابات بني صهيون المتطلعة لدمار المنطقة برمتها الأمر الذي أثار حفيظة شعب مصر الحر والأبي فانتفض

فإلى شباب مصر وإلى شعب مصر البطل من مدينة أبي الفداء نوجه أسمى آيات التهنئة والتبريك بالنصر آملين أن لا يخبو أبداً في أرض الكنانة ولا في أي أرض عربية وهج العروبة وأن لا تغيب شمس الحرية عن سمائنا العربية

pressziad@yahoo.com