كلام من نيويورك
وصلنا الى نيويورك. درجات الحرارة تحت الصفر بكثير. والاردن الذي بات عضوا في مجلس الأمن سيرأس جلسة مجلس الأمن يوم غد الاثنين، فيما عضويته ستكون لعامين مقبلين.
رئاسة الاردن للجلسة تأجلت جراء العاصفة الثلجية التي ضربت المدينة الامريكية، وهي مدينة برغم بردها الشديد الا ان مبنى الامم المتحدة فيها الاكثر حرارة وسخونة وتأثيرا على قضايا العالم، وسيتسنى لنا حضور الجلسة لاهميتها الخاصة.
هنا في نيويورك تجري الترتيبات لجلسة الغد التي سيرأسها الاردن وهي جلسة ستتناول ملفات الشرق الاوسط والملف السوري تحديدا واذا كانت هذه الجلسة تأتي قبيل مؤتمر جنيف 2 بأيام فإن اهميتها ترتبط بتعميد الاردن على مستوى السياسة الدولية، خصوصا، في ظل اعادة رسم الاقليم والنظام العالمي الجديد الذي نراه يرتسم وسيؤدي الى بقاء دول وخروج دول من الخريطة.
هذه ثالث مرة يحوز فيها الاردن على مقعد غير دائم في مجلس الامن، في تاريخه، اذ لايعلم كثيرون، ان المرة الأولى كانت في العامين 1965 و1966، والثانية في العامين 1982 و1983والمؤكد ان عضوية المجلس هذه المرة ورئاسته ايضا تأتي في توقيت مختلف، وحساس دوليا.
لولا مكانة الاردن العالمية القائمة على التوسط والايجابية ثم الدبلوماسية التي صانت هذه المكانة لما حصل الاردن على العضوية، فهي ليست بديلا وظيفيا عن عضويات اخرى لدول شرق اوسطية بقدر تعبيرها عن موقع الاردن الحساس ايضا، دون ان ننكر هنا اهمية ترشيح الرياض لعمان.
هناك جلستان اليوم، مفتوحة ومغلقة، ووزير الخارجية سيرأس الجلستين وسيتحدث امام المجتمع الدولي، ومن المفترض أن يشارك في الجلسة الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون وعدد من وزراء خارجية الدول الاعضاء في مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
سيقدم الأمين العام للأمم المتحدة في الجلسة إيجازا حول آخر جهود إحلال السلام في المنطقة وتطورات الأوضاع الأمنية والإنسانية في الأراضي الفلسطينية المُحتلة.
الجلسة الهامة ستكون جلسة المشاورات المغلقة لمجلس الأمن للاستماع من المنسقة الخاصة للبعثة المشتركة للامم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية للمرة الثالثة حول التقرير الثالث الخاص بتطورات نزع الأسلحة الكيماوية في سوريا، والذي يغطي الفترة من23 تشرين الثاني العام الماضي إلى 22كانون الاول العام الماضي.
بعثة الاردن في الامم المتحدة التي يرأسها الامير زيد بن رعد تزداد اهمتيها هذه الايام لأن عضوية الاردن في مجلس الامن لعامين وحصوله على المقعد غير الدائم يعني اننا سنشهد عملا شاقا وعميقا خلال الفترة المقبلة، وهو عمل يتأسس على جهد الفترة الفائتة.
برغم ان آليات مجلس الأمن تحد من قدرة الدول غير دائمة العضوية كما الأردن على التأثير في القرار الدولي الا ان مجرد الوجود في هكذا موقع بحاجة الى فرادة وقدرة خاصة، في ظل الملفات التي يتم بحثها، والكلام يتردد هنا عن اداء مميز هنا لمختلف تمثيلات الاردن، على مستوى البعثة ورئاستها وعلى مستوى اداء الخارجية ودعم المؤسسة السياسية في عمان ومصداقيتها امام العالم.
لايمكن التقليل في كل الاحوال من عضوية الاردن ورئاسته لمجلس الامن، اذ علينا ان نجري فقط مقاربات ومقارنات مع الاعتراف الدولي بمكانتك، في الوقت الذي تنهار دول عربية وتتراجع دول اخرى وتغرق دول في بحار الدم،ولهذا فإن العضوية الثالثة تأتي مهمة جدا لصيانة موقع الأردن من جهة، وما سيمثله الأردن من صوت للعرب والمسلمين والمعتدلين في العالم.
درجات الحرارة في نيويورك ستنخفض الى مادون الاربعة عشر تحت الصفر يوم الغد، اي يوم افتتاح جلسة مجلس الامن، والاغلب ان هذه البرودة لن نرى اثرا لها في عروق المجتمع الدولي الذي بات يتعامل مع الغليان السياسي في كل مكان.