المدينة التي غُيّبت عنها الشمس ... سحاب!

بأمر ربي , تُشرق شمس هذه المدينة وتغيب , تُشرق شمسها مبتسمة , طارحة سلام من الله عليكم , وترتفع لأعلى السماء كنشيد أطفالها , وتغيبُ شمسها خجولة , مودعة أهلها الطيّبين , ولسان حالها يقول : لكل ليل صباح , ولكل غروب شروق , نعم هذه سنة الله في الأرض , وفي هذا المقام , نتقدم بكل معاني الاعتذار لتأخرنا عن الكتابة لهذه المدينة الفاضلة , فمن حق هذه المدينة أن نتناولها بواحدة من مقالاتنا العديدة التي انتشرت عبر المواقع الالكترونية , من حق هذه المدينة التي غُيّبت عنها الشمس أن ننصفها لسببين , الأول لأننا من أبناء هذه المدينة , والثانية والاهم أن ظلما حقيقيا ربما عن غير قصد قد وقع وحل بها .
وهنا سنسمح لهذه المدينة المحتشمة أن تعرّفكم عن نفسها , لأنها اكبر وأعظم وأجل منا جميعا , لتقول لكم : تبلغ مساحتي (12) كم² , ويبلغ عدد سكاني (71600) نسمة , أقع في الجزء الشمالي من المملكة وبالتحديد جنوبي شرقي العاصمة عمان , سبب تسميتي بــ(سحاب) لكثرة الغيوم والسحب من فوقي , ولوجود سيل في منطقتي يسحب كل من يقطعه شتاءً , أي أن سبب تسميتي بهذا الاسم كان مرتبطا بوجود المياه ووفرتها (والله اعلم) , وقد تشرفتُ بلقباً جديداً من أهلها الطيّبين وقبلتُ ذلك , وهو (أم المساجد) لكثرة مساجدي , ولكثرة الركّع السجود لله تعالى على ارضي الطاهرة .
وسنسمح لهذه المدينة المبتسمة أيضا أن تعرفكم عن نفسها أكثر من ذلك , لأنها الأكرم والابلغ منا , لتقول لحضرتكم : شيوخي أفاضل نفوسهم عالية كقمم الجبال الشامخات , وشبابي آمنوا بالله ورسوله , منتمين لتراب ومليك هذا الوطن , شبابي على درجة عالية من الوعي , لم يخونوا ولم يغلوا ، ولم يغدروا ولم يمثلوا ، ولم يقتلوا طفلاً صغيراً ، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ، ولم يعقروا نخلاً ولم يحرقوه ، ولم يقطعوا شجرة مثمرة ، ولم يذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمآكله , أما أطفالي فهم الأبرياء المعطرين بالمسك , ظلهم خفيف كطيور الجنة , سكاني كباقة زهور متعانقة , تضم جميع الألوان , وتفوح منها جميع الروائح الزكية الطيبة , على أكتافي تطلُ القرى من الجهات الأربع , واسمحوا لي أن أذكّركم أن سنابل ارضي منحنية , وبفصل الربيع استضيف شقائق النعمان بألوان قوس قزح , أما طيوري فتعود لي بالمساء محملة بغسق أهل الكهف , وبناتي جميلات بأخلاقهن , والنساء عندي عفيفات طائعات لله تعالى , ... قصتي طويلة لكنني أخشى عليكم الملل , عذرا لكم مني جميعا , مع كل التحيات والأماني .
بصراحة , لقد أبدعت هذه المدينة بوصف حالها , واشهدُ كل الشهادة , أن وصف هذه المدينة لنفسها كان صحيحا ودقيقا , وبكل أمانة , هذه المدينة غُيّبت عنها الشمس وربما عن غير قصد , كيف لا ؟ وقد حُرم شبابها الأوفياء من مواقع الوظائف العليا (عين , وزير , أمين عام , ...) في هذا الوطن الطيب , هذه المدينة تزفُ للوطن على الدوام الشباب المتعلمين والمثقفين , الشباب المؤهلين القادرين على العطاء والخدمة , وهنا ندعو أصحاب القرار في أردننا الحبيب , اخذ هؤلاء الشباب المؤهلين بعين الاعتبار عند اختيار المواقع الوظيفية العليا , إنصافا لهم , وتقديرا لجهودهم المبذولة في خدمة هذا الوطن العزيز والغالي علينا جميعا , وفي الختام أدعو العلي القدير أن يحفظ الأردن عزيزاً قوياً آمناً مطمئناً في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة .