تراجع المنح الخارجية بالمقارنة بحجم التحديات ... ؟




ارتفعت قيمة المنح الخارجية المقدمة للأردن من الدول العربية الخليجية والولايات المتحدة والأتحاد الاوروبي من حوالي327مليون دينار عام 2012 الى حوالي 986مليون دينار عام 2013 وتشير بيانات الموازنة العامة والتقديرات التأشيرية الى ان قيمة المنح لعام 2014 من المقدر ان تبلغ حوالي 1.151مليار دينار ومن المتوقع ان تبقى هذه المنح خلال العامين القادمين ضمن نفس المستوى،في ضوء قرار مجلس التعاون الخليجي بتخصيص 5مليار دولار لتمويل المشاريع الرأسمالية على مدى خمس سنوات .

لاشك ان المنح التي وردت من الدول الصديقة والشقيقة خلال الأعوام الماضية قد ساهمت بشكل كبير في تمويل جزء كبير من عجز الموازنة ،كذلك فان المنح المقدر استلامها خلال الأعوام القادمة من شأنها ان تساهم بشكل كبير في تمويل المشاريع الراسمالية وبالتالي تعزيز النمو الأقتصادي ،الا ان التحديات الكبيرة التي يواجهها الاردن حاليا جراء انعكاسات الأزمة المالية العالمية وجراء المستجدات والمتغيرات و الداخلية والخارجية اضافة الى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في العديد من الدول العربية والدول المحيطة ،وانعكاسات الربيع العربي وزيادة عجز الكهرباء نتيجة توقف ضخ الغاز المصري المستخدم للكهرباء والاثار المالية لأستقبال اللاجئين السوريين ، جعل كلفة هذه التحديات تفوق كثيرا قيمة المنح المستلمة الأمر الذي ابقى الحاجة الى الأقتراض وبالتالي ارتفاع المديونية الى مستويات غير مسبوقة .

الأنطباع العام لدى الكثير من المواطنيين ان التوسع في الأنفاق ، والسياسات الأقتصادية ،وقضايا الفساد قد ساهمت في ارتفاع المديونية و قللت من الأستفادة من هذه المنح ،ولكن ما يجب الأشاره اليه ان بروز تحديات ومتغيرات عديدة لم تكن في السابق ابتداءا من بروز الأزمة المالية العالمية عام 2008 وما لحقها من اثار صاحبت الربيع العربي قد ادت بشكل اكبر الى تقليل الأثر الأيجابي لهذه المنح على الأقتصاد الأردني رغم زيادة قيمة هذه المنح بالمقارنة بالأعوام الماضية ،فعلى الرغم من ورود منح بقيمة حوالي 986 مليون دينار عام 2013 ،الا ان خسارة شركة الكهرباء الوطنية السنوية قد زادت على المليار دينار،مما يعني ان المنح السنوية لم تغطي ما يعادل خسارة شركة الكهرباء الوطنية لوحدها ، ناهيك عن ان الخسارة التراكمية للكهرباء وصلت حتى تاريخه الى حوالي 3مليار دينار وان الحاجة الى الأقتراض لتمويل هذه الخسارة قد ادى الى ارتفاع كلفة فوائد القروض السنوية ووصولها الى حوالي مليار دينار ايضا . يضاف الى ذلك كلفة استقبال اللاجئين السوريين التي تشير التقديرات الى انها زادت على 2.4مليار دينار .


ما يمكن قوله ان ارتفاع قيمة المنح الواردة للاردن ما يزال اقل بكثير من ارتفاع الأعباء المالية ،ولو حيدنا الأعباء الأخرى العديدة التي تواجه الأقتصاد الأردني واقتصرنا فقط على هذه المستجدات المذكورة نجد ان قيمة المنح الواردة لا تغطي اكثر من 15.5% من هذه الأعباء.

ان تدني قيمة المنح الواردة للأردن بالمقارنة بحجم الأعباء الأقتصادية الخارجية التي انعكست نتيجة الأوضاع الخارجية ،ينذر بتواصل الأرتفاع الكبير للدين الداخلي والخارجي خاصة اذا ما علمنا ان حجم المديونية الداخلية والخارجية وصل الى مستويات قياسية زادت على 19 مليار دينار، ويبين مشروع الموازنة لهذا العام ان حجم المديونية سيصل الى حوالي 21.3مليار دينار في نهاية هذا العام بنسبة تبلغ حوالي 82.3% من الناتج المحلي الأجمالي وتوقع استمرار ارتفاعه بشكل كبير شهريا خلال الاعوام القادمة ،كما ان الأعباء الكبيرة الملقاة على المواطن الأردني خاصة اصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة لا يساعد في استمرار تحميل المواطن لهذه الأعباء ، هذا كله من شأنه ان يؤدي الى تفاقم المديونية بشكل كبير ما لم يكن هناك زيادة في الدعم الخارجي بشكل يصاحب برامج الأصلاح المالي الجاري العمل بها ،كما يجعل من الأهمية بل من الضرورة الملحة مواصلة العمل مع الدول الصديقة والشقيقة وزيادة العمل بكافة الأتجاهات لزيادة قناعة هذه الدول بأن هذه التحديات ناتجة عن اثار خارجية خارجة عن الأرادة وناتجة دور الأردن القومي والأنساني وحثها لزيادة المنح المقدمة للمملكة بشكل كبير ،اضافة الى تقديم المساعدات الأخرى المتمثلة بقروض ميسرة وشهادات ضمان لكفالة الديون الخارجية التي يتم اقتراضها وبما يؤدي الى تخفيض كلف فوائد الأقتراض،بما ينعكس في مجمله على التخفيف من اثر التحديات الأقتصادية الأستثنائية التي يواجهها الأردن.