نظام الخدمة المدنية الجديد ( رِدّة الديمقراطية )

ليس من السهل أن أتحدث عن نظام خدمة مدنية وضع من اجل تسيير العمل في الوظائف الحكومية ويحدد العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين لان الأصل في أنظمة الخدمة المدنية أن تقوم على قاعدة التطوير والارتقاء في المؤسسة الحكومية ورفع كفاءة الموظفين وزيادة إنتاجيتهم .
وبالنظر في نظام الخدمة المدنية الجديد وتعديلاته الأخيرة لا بدّ من التوقف عند ثلاثة تقييمات لهذا النظام وهي اجتهاد شخصي ، وربما يوجد أكثر من ذلك ولكنها الأبرز حسب وجهة نظري الشخصية .

أولا : العقلية العرفية في النظام الجديد :
إذ إن بعض بنود هذا النظام قامت على فكر لا يمكن وصفه إلا بالعرفي في ظل التحدث والتغني بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتطوير العمل والارتقاء به فعلى سبيل المثال " يكفل الدستور الأردني حق وحرية التعبير " .
وبالعودة للتعديلات الجديدة على نظام الخدمة المدنية فان الموظف الذي يضرب أو يعتصم أو يعبر عن رأيه فانه لا يستحق الراتب عن تلك المدة وان حضر لمكان العمل ووقع على سجلات الدوام الرسمي .
- المادة 169 – ا :
يعتبر الموظف فاقداً لوظيفته في أيّ من الحالات التالية :
إذا تغيب عن وظيفته دون إجازة قانونية أو عذر مشروع أو توقف أو امتنع عن تأدية مهام وظيفته فعليا لمدة خمسة أيام متصلة أو متقطعة خلال السنة ولا يعتبر الدخول إلى مكان العمل والخروج منه دواما فعليا ولو اقترن ذلك بتوقيع الموظف على سجل الدوام .

ثانيا : قتل الموهبة والإبداع لدى الموظف :
لا يجوز ترفيع الموظف جوازيا طيلة مدة عمله في الخدمة المدنية لأكثر من مرتين وبغض النظر عن الفئة التي تم ترفيعه فيها جوازيا .
ولأن ذلك يمس جميع موظفي الدولة بشكل عام ( والمعلم بشكل خاص ) فان هذا النظام ساوى بين الموظفين في المؤسسة التي لا يتجاوز عدد موظفيها المائة موظف مع مؤسسة كوزارة التربية والتعليم التي يتجاوز عدد موظفيها المائة و عشرة آلاف في جائزة الموظف المثالي ، وغالبا ما تذهب هذه الجائزة لمركز الوزارة وهل لا يوجد في الميدان من يستحق هذه الجائزة ، وكثير من المعلمين حصلوا على جائزة الملكة رانيا سواء كان للمعلم المتميز أو المدير المتميز فأين العدالة في ذلك ؟ ، وكيف سيفكر المعلم في تطوير نفسه إذا كانت الجائزة تحصيل حاصل لموظف واحد من بين أكثر من مائة ألف موظف .

ثالثا : قصر نظر الجهات المشاركة بوضع بعض بنود هذا النظام ومن هي هذه الجهات أصلا ولنا أن نتساءل :
- هل هي ممثلة بمؤسسات المجتمع المدني كافة ؟
- هل المشاركين فيها على تواصل مع الميدان (ميدان الموظفين) ؟
- هل هناك جهات تضغط نحو العودة للأحكام العرفية ؟
من هنا أرى أن هذا النظام في بعض بنوده هو ( رِدّه عن الديمقراطية ) وعودة للأحكام العرفية فهو جاء للعقاب وليس للثواب ، كما انه يعمل على قتل طموح الموظفين بشكل عام والمعلمين بشكل خاص ، لان المعلم هو قائد للمجتمع وهو قائد الإصلاح الحقيقي لكل حالات التجاوزات والفساد ، فكيف بالله عليكم يستطيع المعلم أن يكتب أو يصرح أو يدلي برأي دون موافقة مسبقة من الوزير ، وبالتأكيد ذلك يعني تكميم الأفواه والعودة للوراء وعدم النظر ابعد من مكان تواجد الأقدام .
لذا وكواحد من أبناء هذا الوطن يحب الخير لبلده فإنني أتمنى من جميع موظفي الدولة أن يمعنوا النظر بهذا النظام ، كما أنني أحث وأدعو النقابات المهنية كافة ونقابة المعلمين خاصة لأنها نقابة كل بيت أردني أن تقود المسيرة لتغيير هذه النظام الذي يؤخر ولا يقدم ويقتل الإبداع ويعيدنا إلى نقطة الصفر في التعبير عن الرأي ومحاسبة الفاسدين .
والله من وراء القصد ...
بقلم / احمد حسين بالو (عضو الهيئة المركزية لنقابة المعلمين عن لواء القويسمة )