الحكومة الأردنية حاولت الابتعاد عن قضية الدقامسة ووزير العدل يجهز للمفاجأة الثالثة: نفض وتنظيف ترسانة التشريعات السالبة للحريات

اخبار البلد- يحلو لكثير من السياسيين الأردنيين الإشارة في مجالساتهم الخاصة لان وزير العدل الجديد وهو عمليا الشخصية الأبرز في الفريق الوزاري حسين مجلي سيكون بمثابة صاعق التفجير الأساسي المتوقع داخل الصف الحكومي إذا لم يتم التفاهم معه على التفاصيل، فبين يدي الرجل أسباب وجيهة تدفعه للإستقالة عند أول منحنى يخالف قناعاته المعروفة سياسيا.
وحتى الآن لا يعرف الساسة خلفيات الركوب المفاجىء للوزير حسين مجلي مع حافلة حكومة معروف البخيت قبل عشرة أيام، فالأخير كان دوما قطبا بالمعارضة ويقود المسيرات، ومن أبرز وجوه الرأي الآخر والمستقل وهو معارض شرس للتطبيع ولإتفاقية السلام معها، مع انه قبل الوزارة التي رفضها منذ عقدين مع رئيس وزراء من أركان لعبة المفاوضات وسفير سابق في تل أبيب.
وبهذا المعنى يمكن قراءة عناصر التفجير السياسي المقصودة في أداء الرجل الوزير الذي قال منذ صبيحة يومه الأول كوزير في الحكومة ما معناه '.. انا هنا.. أنا مختلف'.
وفي هذا السياق قدم مجلي عدة رسائل فلم يذهب بعد أداء القسم الدستوري كوزير لمقر مكتبه الوثير بل توجه فورا وفي صباحه الأول لدار المجلس القضائي الأعلى لكي يتلقى تبريكات وتهاني كبار القضاة قائلا: جئت لكم تقديرا وإحتراما حتى لا تحضروا لمكتبي.
هذه الخطوة أبلغت فورا الجميع بأن وزارة العدل في طريقها للإختلاف، حيث لم يسبقه لها أي وزير سابق للعدل حتى تزعم الوزير نفسه المشهد الثاني المغرق في الإثارة عندما قاد إعتصاما لبعض الأصدقاء والزملاء المحامين الكبار يطالبه شخصيا بالإفراج عن الجندي أحمد الدقامسة، فإنضم الوزير للمعتصمين وتعهد أمام الكاميرات بأن يعمل على تأمين الأفراج عن السجين الذي وصفه بأنه بطل قبل ان تعلن إسرائيل صدمتها من هذا السلوك والتصريح ويتحرك سفيرها في كل إتجاهات عمان بحثا عن توضيحات وأسئلة.
وبالتراتب أظهرت الحكومة التي يعمل معها الوزير مجلي انها ليست مستعدة بعد لمناورات من هذا النوع فلو فعل أي وزير آخر ما فعله مجلي لطلبت منه الإستقالة لكن وكالة الأنباء الرسمية بترا وفي خبر مساء الإثنين كانت تضع فاصلا للخطوط
بين الموقف الرسمي وبين موقف وزير العدل عبر بث خبر ينفي ما كان قد قاله الوزير مجلي عن ان مجلس الوزراء سيبحث مسألة الإفراج عن الدقامسة.
ولتطمين الإسرائيليين أعلنت الحكومة موقفا قبل ان تبلغ السفارة الإسرائيلية بأن ما قاله الوزير مجلي ليس رسميا ويقع في باب الرأي الشخصي، في الوقت الذي حقق فيه مجلي هدفه الأول قائلا ضمنيا: البلاد تحتاج لهذا النمط من الوزراء لإن شرعية وشعبية مجلي يمكن ان تستغلها الحكومة لاحقا في أي أزمة مصداقية مع الشارع، ومجلي سيبقى بكل الأحوال قطبا مهما ولاعبا أساسيا على المستوى النقابي في البلاد حتى لو طلبت منه الإستقالة غدا.
ويبدو ان مجلي بصدد الإستعداد لمهمته الثالثة الأصعب والمفاجأة أكثر، فالرجل كما يقول قرر ان يكون وزيرا حقيقيا للعدل، وهو يعمل ليلا نهارا الآن على مراجعة وقراءة وتعديل ترسانة متكاملة من التشريعات والقوانين الضامنة لحقوق الإنسان وللرأي السياسي، وفي هذه المحطة تحديدا سيزعج ما سيفعله مجلي الكثيرين داخل السلطة وخارجها، لإن أحدا في مجلس الوزراء لم يستطع تجاوزه عند تشكيل اللجنة القانونية في مجلس الوزراء، فهو رئيسها والتشريعات لعبته السياسية المفضلة وأحد أقطابها ويملك عشرات الأسباب التي تدفع للإعتقاد بان الإستقالة من موقعه أسهل وأسرع قرار بالنسبة له. ولذلك يتوقع المراقبون والخبراء ان يعمل مجلي إذا تعدت أزمة الدقامسة بدون إستقالته على تفجير المفاجأة الثالثة قريبا، وقد تكون الأهم وهي نفض وتنظيف ومراجعة التشريعات والقوانين ذات الطابع الإجتماعي والسياسي والحرياتي مستغلا وموظفا الإلتزامات العلنية في مسارات الإصلاح قبل طي صفحة المشاركة الأغرب لشخصية بارزة من خارج نادي الحكم التقليدي في وزارة سيادية.