الموظفون بين حجري رحى الشركات والبنوك


كمن يقع بين نارين أمرين أحلاهما مر, بين شقَيّ الرحى, كالمستجير من الرمضاء بالنار, بين المطرقة و السندان...هذه وامثلة كثيرة تدل على من يعاني الامرين ولايعرف الى من يشتكي او يطلب الانصاف بعد ان اغلقت امامه الابواب، وفي ظروفنا الاقتصادية والمالية كثر هي الشركات التي وقعت في فخ نقص السيولة برغم توفر الموجودات، وتعاني في توفير النفقات الادارية والعمومية والجارية، وفي مقدمتها دفع رواتب الموظفين في موعدها في نهاية كل الشهر، وهنا تبدأ معاناة جديدة للموظفين، لاسيما وان الغالبية العظمى منهم مقترضون لشراء شقة او سيارة مستعملة، وصولا الى قروض تعليمية وغيرها، فالنتيجة ان البنوك تُشهر على الموظفين سلاح الغرامات، بعد اليوم الخامس على دخول الشهر الجديد، وتفرض عليهم غرامات تصاعدية تصل الى 20 دينارا بغض النظر عن قيمة القرض.
وفي حال تحويل الشركة لرواتب الموظفين بعد منتصف الشهر الجديد يقوم بعض البنوك باستيفاء قسطين للشهر الفائت والشهر اللاحق، عندها تتبخر رواتب الموظفين الذين يقعون في اوضاع شديدة الصعوبة في تلبية احتياجاته واسرته، اما بنوك لا تقيم وزنا لاحتياجاتهم، وتنسى ان هؤلاء الموظفين هم من يمدها بالارباح والفوائد على القروض ورسوم طائلة لقاء خدمات يفترض ان تكون مجانية، ومنها ان من يسحب من رصيده 100 دينار فأقل يستوفي البنك رسما قدره دينار لكل عملية، ونصف دينار لكل عملية سحب مابين 500 الى 1000 دينار، اما اذا سحب العميل اكثر من الف دينار يتم بدون رسم، علما بأن اكثر من 90% من الموظفين تقل رواتبهم الشهرية عن الف دينار، اي ان هذا التصنيف له اهداف واضحة وهي زيادة ارباح البنوك مقابل خدمات وهمية.
عدم تحويل رواتب الموظفين لمجموعة طويلة من الشركات تتحمل مسؤوليته، ونجد الموظف يتحمل عنوة اعباء الغرامات التي تؤثر على قدراته الشرائية التي تتراجع شهرا بعد آخر، ويعاني في تسديد فواتير الكهرباء والمياه والكاز والغاز وغير ذلك من الاستخدامات المنزلية، كل ذلك يتم مع وجود السياسة النقدية التي يجب ان تقوم بالرقابة على الخدمات المصرفية وتسعير خدماتها، ومراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي نجتازها بصعوبة.
منذ اكثر من عقدين من الزمن تطالب المؤسسات الشركات والمصارف بتطبيق تصنيفات المتعاملين ( Credit Berue ) بهدف التخفيف عن البنوك والمتعاملين مع البنوك والشركات بشكل عام، اذ هناك اعداد كبيرة من الموظفين الملتزمين يحرصون اشد الحرص على الوفاء بالتزاماتهم تجاه الغير، وان تأخير سداد اقساط البنوك يرتبط بتقصير بعض الشركات وليس اخفاق او تهرب الموظفين...المطلوب من البنك المركزي اعادة النظر بحزمة الرسوم الجديدة للبنوك والغرامات التي ترهق المتعاملين مع البنوك بدون مسببات حقيقية...تعاون جميع الاطراف ومراعاة ظروف الموظفين امر محمود العواقب.