هيئة مكافحة العناد!!


اجتهدت الدولة كثيراً في تفريخ العديد من الدوائر المصغرة التي تهتم بمسائل محلية، وأخرى خارجية تهتم بتقديم الخدمات اللوجستية للمستثمرين الذين بحاجة لعناية فائقة، لكي تحطّ استثماراتهم في المحافظات الأردنية بكل يسرّ، وكالعادة لم يحسنوا أصحاب الفكرة في تحقيق الأهداف التي من أجلها أسست هذه الدوائر الخدميّة، لأن من اعتلى سدة الحكم فيها جاء في الأغلب منها من باب الترضية، والتوريث للمحافظة على البرجوازية العائلية التي سيطرة في فترات متقطعة على مقاليد المؤسسات السيادية.

ومع ذلك تعايش المواطن خلال سنوات خلت مع قرارات مصيرية اتخذت من جانب الفردية، والعناد، والنفوذ المؤسسيّ، ممّا أدّى إلى تكليف الوطن الكثير من الويلات الاقتصادية، كبرنامج التصحيح الاقتصادية أو ما يعرف ببرنامج الخاصية التي دفعنا ثمنه غالياً، نتيجة بيع العديد من المؤسسات الحكومية الإنتاجية التي مازلنا نتباكى على أطلالها و نتوجد على ترابها كالفوسفات وغيرها.

ولم تكن الحكومة الحالية بأحسن من غيرها، فقد سيطر العناد على رئيسها في أغلب قراراته المصيرية التي اتخذ من المواطن طريقاً سهلاً لترميم العجز المالي في خزائن الدولة، ومعالجة التشوهات الاقتصادية التي أحدثها من تولى سدة السلطة التنفيذية في حكومات مضت، ظنت نفسها أنها تتبنى اقتصاد حرّ، وعندما استفاقت من سباتها وجدت الاقتصاد على شفا الانهيار فغادرت بلا رجعة.

إذن ! من حق المواطن أن يطالب بهيئات تكافح العناد، وغيرها من الأمور الفردية والتي يتبناها شخوص، لا فريق مهنيّ منسجم، يكون المبدأ الذي يجمعهم الشورى وعرض القرارات الاقتصادية والسياسية أمام استفتاء شعبيّ يكون المواطن شريكاً حقيقياً في صنع القرار بدل الاعتماد على لجان معينة يعيّن نفس الشخوص فيها في كل تشكيل، ولا تصل فعلياً للمواطنين في البوادي والأرياف، وبخاصة بعدما فشلنا في صياغة قانون انتخابيّ يخرج من ثناياه نواب وطن لا مصالح شخصية.

وبالتالي.. لا يعني العناد أنه سلوكاً طبيعياً غير محبباً، وبخاصة في الأمور التي تحتاج ابتكاراً معيناً، أو انجازاً شخصياً يتطلب هذه الصفة لكي يحقق مبتغاة وعدم الاستسلام لمشروعه الافتراضيّ، لكن عندما تكون القرارات تهم وطن بأكمله لا بدّ من الرجوع للشعب.