ارتفاع اليورو ومخاطره على الاقتصاد الأردني
بعد نحو ثلاث سنوات على تراجع اداء منطقة اليورو التي وقعت فريسة للازمة المالية العالمية، وانفجار ازمة الديون السيادية، الا ان القارة العجوزة كما وصفها الرئيس السابق جورج بوش الابن في احد اشهر تصريحاته، يبدو انها لملمت اوضاعها، وشقت طريقا اكثر نحو الاستقرار.. اقتصاديا وماليا، لتدخل في سباق مع الولايات المتحدة التي تتهيأ للتعافي في العام 2014، وحسب الدراسات والارقام فان العملة الاوروبية كانت افضل العملات الرئيسية اداء خلال العام الماضي، ومن المتوقع حسب الخبراء ان يشهد اليورو انتعاشا ملموسا خلال العام الحالي امام العملات الرئيسية بخاصة الين الياباني والدولار الامريكي...وهنا السؤال الذي يطرح في الدول التي تثبت سعر صرف عملتها الوطنية مع الدولار الامريكي، ما مدى تأثيرات هذه التقلبات في اسواق الصرف على اقتصاداتها؟، ومن هذه الدول الاردن الذي يربط سعر صرف الدينار مع الدولار منذ العام 1995 حتى اليوم.
بدايات تعافي منطقة اليورو تعود الى السياسات المحكمة التي نفذتها دول الاتحاد بقيادة المانيا، حيث تم تسجيل زيادة الطلب على سندات إسبانيا والبرتغال، وتعاملت ايطاليا ثالث اكبر اقتصاد في منطقة اليورو بنجاح في ازمة الديون، اما اليونان التي تنتظر عدة سنوات لبلوغ التعافي المنشود، الا ان الاسهم اليونانية سجلت ارتفاعا كبيرا خلال العام الماضي، وبرغم الاحتجاجات الشعبية والاختلاف والاتفاق السياسي على مستوى الدولة الا ان الامور سارت على طريق معالجة اوضاع شديدة الصعوبة وتحتاج سنوات طوال.
رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراجي قال مؤخرا ان معدل التضخم المنخفض في منطقة اليورو خلال شهر ديسمبر الماضي يرجع إلى عوامل فنية وهو ما يشير إلى أن خطر انكماش الاسعار قد يكون أقل مما يخشاه بعض المستثمرين، بينما ما زال اداء الاقتصاد الياباني يعاني من تراجع مع ارتفاع الدين العام الذي يتجاوز 260% من الناتج الاجمالي، وعجز الموازنة العامة، وهذا يفسر الانخفاض القياسي لسعر صرف الين الياباني امام العملات الرئيسية.
وباعتبار العالم قرية كونية فان الاردن الذي يعاني من اختلالات مزمنة، من عجز متفاقم في الميزان التجاري، وارتفاع الدين العام الذي يتجه الى 30 مليار دولار في نهاية العام المالي الحالي، وعجز الموازنة العامة، وارتفاع البطالة والفقر، واعباء مستجدة ومتفاقمة لاقبل له بها تتمثل في لجوء اعداد هائلة من سوريا خلال فترة زمنية قصيرة، كلها مجتمعة تستدعي اجراء مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، لتخفيف تداعيات مستمرة.
وفي هذا السياق فأن اعادة النظر بتثبيت سعر صرف الدينار بالدولار الامريكي، واجراء دراسات لتحديد سمات المرحلى الراهنة والمقبلة، واعتماد العلاقات التجارية والمديونية الاردنية مع دول العالم اساسا لتقيم سعر صرف الدينار من شأنه تخفيف اثار تثبيت سعر صرف الدينار واضفاء المرونة المطلوبة على اقل تقدير.