ماذا بعد إنسحاب بريتش بتروليوم؟
حسب مسؤولين وفنيين في وزارة الطاقة وشركة البترول الوطنية فإن قرار شركة بريتش بتروليوم بالإنسحاب من منطقة الامتياز الممنوحة لها لاستكشاف الغاز الطبيعي كان مفاجأة لم تكن بالحسبان ولا مؤشرات مسبقة يمكن أن تقود لها. التصريح الرسمي الذي اصدرته الحكومة يزيد الأمر غموضا حيث يشير إلى أن "شركة بريتش بتروليوم أبلغت شركة البترول الوطنية أن نشاطاتها الاستكشافية في الأردن لم تسفر عن تحقيق مشروع تطويري بناء على الأسس الفنية سواء فيما يتعلق باستكشاف الطبقات العميقة أو طبقة ريشة المنتجة للغاز التي تنتج منها شركة البترول الوطنية.
لماذا هذا الإعلان المفاجئ خاصة أن نمط العمل في الأيام والأسابيع الماضية لم يتغير ابدا وكانت هنالك مخططات لحفر آبار جديدة؟ للأسف الشديد فإن هذه الحالة من الانسحاب المفاجئ ليست الأولى في الأردن فقد سبق ذلك انسحاب شركتي ريو تنتو وآريفا من امتياز استكشاف اليورانيوم. في محصلة الأمر المواطن الأردني لا يعرف شيئا عن الأسباب وكل هذا الغموض سواء من قبل الشركة أو الحكومة يدفع نحو المزيد من نشر الشائعات والمعلومات المبالغ بها.
هل تمكنت شركة البترول الوطنية، بموجب عقد الامتياز الممنوح للشركة البريطانية من الحصول على كافلة نتائج الاستكشاف بحيث تفيدها في المراحل اللاحقة وهل يمكن أن نقول بأن انسحاب الشركة يعني عمليا عدم وجود فرص حقيقية لتطوير الغاز الطبيعي في الريشة وهو حلم وطموح رواد الجميع منذ عدة عقود؟
الكثير من المتغيرات في السنوات الخمس الماضية تجعل من الضروري إعادة النظر في الاستراتيجية الوطنية للطاقة التي تم الإعلان عنها في العام 2007. معظم الافتراضات التي بنيت عليها الاستراتيجية تغيرت كما تعثرت عدة قطاعات منها الطاقة المتجددة نتيجة غياب القناعة السياسية والإرادة الفنية المطلوبة. حتى افتراض الغاز المصري الرئيسي في الاستراتجية أصبح شبه منتهي الآن مع تراجع كميات الغاز الواردة من مصر والتي من غير المتوقع أن تعود إلى سابق عهدها لا قريبا ولا في المستقبل.
كل ملفات الطاقة في الأردن شبه عالقة ومتعثرة وخاضعة للكثير من المتغيرات الخارجية والقليل من الحكمة في الإدارة الداخلية. ملف الطاقة أصبح نوعا من الأمن الوطني الذي يحتاج لخبراء استراتيجيين لصياغة مسار واقعي غير حالم وغير فاسد للخروج من الأزمة التي نعيشها ولا يمكن استمرار سياسات إدارة المتغيرات السائدة منذ عدة سنوات.