النسور رئيسا مدى الحياة!
تواترت الأنباء عن نية رئيس الوزراء عبدالله النسور إجراء تعديل وزاري هو الثاني على حكومته، وذلك بعد الانتهاء من إقرار مشروع قانون الموازنة في البرلمان نهاية الأسبوع الحالي.
التعديل الوزاري وإن كان مستغربا بعض الشيء، إلا أنه ليس مفاجئا للنخب البرلمانية والسياسية، التي تشكلت لديها قناعة راسخة بأن حكومة النسور باقية حتى منتصف العام الحالي على أقل تقدير، لا بل إن رئيس وزراء سابقا لايستبعد استمرار حكومة النسور لعامين مقبلين، ورد عليه مسؤول سابق رفيع المستوى مازحا: الحكومة باقية مادام رئيس الوزراء على قيد الحياة!
يعرض عديد الساسة من رؤساء حكومات ووزراء سابقين مبررات وجيهة لعدم تغيير الحكومة حاليا، ويشهدون بقدرة النسور وذكائه، في إدارة المرحلة، وكسب الدعم الكامل من المرجعيات العليا في الدولة، إضافة للدعم القوي من المؤسسات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي الذي التزمت حكومة النسور بتنفيذ برنامج للتصحيح الاقتصادي، يستجيب لمطالب الصندوق الإصلاحية.
على العموم النخب الطامحة دوما بتغيير الحكومات على أمل أن تحجز لها مقعدا في التشكيلة الجديدة، سلمت أمرها للحقيقة القائمة، لكن ما الذي يدفع النسور إلى التفكير بتعديل وزاري، مادام في وضع مريح؟
الأوساط المقربة من الرئيس تفيد بأن الخلافات في أوساط فريقه الوزاري لم تعد تحتمل، ولضمان الاستمرار لفترة أطول، يتعين عليه إجراء جراحة عاجلة، لاستئصال بؤر التوتر من جسم الحكومة، وتحقيق قدر أكبر من التجانس. المعلومات من داخل أروقة مجلس الوزراء تؤكد بأن بعضا من أقطاب الحكومة في حالة تنافر وخصام فيما بينهم من جهة ومع الرئيس نفسه من جهة أخرى. كما أظهرت الأشهر الماضية من عمر الحكومة ضعف أداء بعض الوزراء، ما يستوجب تبديلهم قبل أن تدفع الحكومة مجتمعة ثمن استمرارهم.
النقاشات التي تشهدها اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعية عميقة وحيوية كما يؤكد مطلعون، لكنها أفرزت في الآونة الأخيرة حالة استقطاب عطلت اتخاذ القرار أكثر من مرة، ودفعت برئيس الوزراء إلى رفع الجلسة قبل أن يتفاقم الخلاف.
مجلس النواب بصورة المعطيات كلها، وقد تشكلت القناعة ذاتها عند أبرز أقطابه المعارضين للنسور بأن الرجل باق لفترة أطول. ولهذا بدأ هؤلاء التخفيف من حدة انتقاداتهم للحكومة، وتراجعوا عن توقيع مذكرات حجب الثقة. في الأثناء لوح مقربون من النسور للنواب بجزرة الحكومة النيابية، وراجت أنباء عن نية النسور إشراك النواب في التعديل الوزاري. سياسي مهم ومقرب من مطبخ القرار علق على هذه الأنباء بالقول؛ إنها محاولة من النسور لكسب التأييد لموازنته وتمريرها في المجلس ليس إلا.
النسور وحسب مطلعين يأمل بسيناريو كهذا، لكن تركيبة المجلس وهشاشة كتله، ربما تحول دون التفكير بحكومة برلمانية، إلى جانب تحفظ مرجعيات الدولة على خوض التجربة في هذه المرحلة.
بيد أن تيارا نيابيا يستشعر الحاجة منذ الآن لتوفير بديل لمرحلة مابعد النسور، ولهذه الغاية بدأت ثلاث كتل تحركا حثيثا بمبادرة من كتلة "وطن" التي ينتمي إليها رئيس المجلس المهندس عاطف الطراونة، لتشكيل ائتلاف نيابي هو الأول من نوعه، يتوقع إعلانه في الأيام القليلة المقبلة ويضم أكثر من خمسين نائبا، وهو مرشح لأن يصل إلى سبعين في قادم الأيام.
كما تلاحظون الحكومة باقية، لكن الاستعدادات لوراثتها بعد الدورة البرلمانية الحالية بدأت منذ الآن.