فهد الفانك يكتب : ظواهر اقتصادية بحاجة للتفسير
هناك حقائق ومعلومات وأرقام يحب المواطن أن يطلع عليها ، ولكن ماذا عن الأسباب الكامنة وراء تلك الحقائق. ما الذي أنتجها وما هي نتائجها المحتملة.
الحقيقة الأولى التي تحتاج إلى تفسير هي انخفاض مستوردات الأردن من البترول الخام والمشتقات النفطية الأخرى بنسبة 2ر12% عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي مما يوفر 1ر2% من الناتج المحلي الإجمالي.
في ظروف طبيعية كان يجب أن يرتفع اسـتيراد البترول سنة بعد أخرى ، أولاً بسبب ارتفاع سعره عالمياً ، وثانياً لأن عدد السكان زاد بنسبة 2% على الأقل ، وثالثاً لأن الاقتصاد الأردني نما بمعدل 8ر2% وخاصة في مجالات الصناعة والنقل والكهرباء ، ورابعأً لأن حركة اللجوء السوري أضافت مستهلكين إضافيين لا يقلون عن 15% من السكان.
أغامر بالقول أن السبب الرئيسي (وليس الوحيد) لانخفاض استهلاك الأردن من البترول ومشتقاته يعود لتعويم سعره في أواخر عام 2012 وربطه بالكلفة الحقيقية. ومن الطبيعي أن يؤدي ارتفاع السعر إلى تخفيض الطلب ، وتقليل الهدر ، والضغط على جانب من المستهلكين لترشيد استهلاكهم من الطاقة مما سيوفر حوالي مليار دولار هذه السنة.
لا تنطبق هذه الحقيقة على المحروقات فقط ، بل على غيرها من السلع المدعومة ، حيث يقدر أن حاجة المواطن الأردني للخبز لا تزيد عن نصف الكمية المنتجة حالياً ، ولو كان الخبز يباع بسعر الكلفـة فلن يستخدم كعلف للحيوانات والدواجن ، ولن يترك حتى يجف ويلقى في الحاويات.
الحقيقة الثانية التي نقف عندها هي ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ، فلماذا ارتفع الاحتياطي بالرغم من جمود حوالات المغتربين والمقبوضات السياحية ، وعدم وصول كل المنح الخارجية المنتظرة ، فضلاً عن العجز التجاري المتفاقم ، وسداد أقساط القروض الاجنبية ، وغيرها من العوامل التي كان يجب أن تضغط على الاحتياطي. والجواب هو انعكاس حركة الدولرة.
عندما كانت الأوضاع الاقتصادية صعبة ، تحول بعض المودعين إلى الدولار بحثاً عن الأمان ، فلما تحقق الأمان وارتفع منسوب الثقة العامة بادر هؤلاء بالتدريج لتحويل دولاراتهم إلى دنانير للاستفادة من سعر الفائدة. هذا التحويل جعل موجودات العملات الأجنبية لدى البنوك تزيد عن حاجتها فقامت ببيعها إلى البنك المركزي مدفوعة أيضاً بفرق سعر الفائدة.
ارتفاع منسوب الثقة العامة ُيحسب كإنجاز غير مباشر للحكومة والبنك المركزي.